تأسست كشيدة للنشر والتوزيع بمصر عام 2010 م، لتكون كشيدة تصل القارئ المتعطش للمعرفـة بالمحتوى الهادف البنّاء، وتربط القارئ المحب للتراث بجواهر تراثنا العربي والإسلامي، ولتكون امتدادا لرسالة نشر الكلمة الطيبة في الأرض.
منهجية النشر
تلتزم كشيدة للنشر والتوزيع بمنهجية نشر مسئولة، تستهدف خدمة النص وتعظيم الاستفادة منه وتسهيل قراءته للفئة المستهدفة، سواء من ناحية الشكل، وذلك من خلال العناية بتنسيق النص والإخراج الطباعي، أو من ناحية المضمون، وذلك من خلال العناية بضبط النص وتحقيقه وتبويبه وفهرسته. وتتوزع إصدارات كشيدة على السلاسل التالية:
تعد ألفية السيرة النبوية المسماة «نظم الدرر السنية في السير الزكية» للحافظ الكبير والمحدث الشهير عبد الرحيم بن الحسين العراقي، من أشهر منظومات السيرة النبوية، وقد كتب لها القبول والذيوع، فأصبحت متداولة لدى الطلاب والعلماء، وانكبت جهود أكابر أهل العلم عليها تدريسا وتعليقا وشرحا. وقد اشتملت ألفية الحافظ العراقي على 1032 بيتًا، افتتحها بذكر أسمائه الشريفة ﷺ، ومولده ونسبه، ثم تناول سيرته ﷺ في مراحلها المختلفة -قبل البعثة وبعدها- حتى وفاته ﷺ، كما استعرض فيها صفته ﷺ وأخلاقه الشريفة ومعجزاته وخصائصه وسائر شمائله.
في هذا الكتاب، حرص العلامة الشيخ المجاوي على إيصال المفاهيم الأساسية لعلم العقيدة بصورة مباشرة، مدعمة بالأدلة الشرعية، على الوجه الملائم لروح الوقت، والمساعد لملكات الدارسين في العصر الحديث. وقد جاء الكتاب شاملا لغالب العقائد، وما يتعلّق بالمولى تبارك وتعالى، ورسله صلوات الله عليهم، من الواجبات والجائزات والمستحيلات، مع البساطة في التعبير، والسّلاسة في التحرير، من غير خروج عمّ يقتضيه المقام من البيان، أو الأخذ بالإفراط والتفريط في هذا الشّان.
تعد "ألفية ابن مالك" من أهم المؤلفات النحوية التراثية التي كُتِبت في مرحلة النضج، وكُتِب لها القبول والانتشار في أنحاء العالم الإسلامي، وبين كافة المشتغلين بالعلوم العربية والشرعية. وقد استخلص ابن مالك ألفيته من أرجوزته الكبرى "الكافية الشافية"، فجاءت الألفية جامعة لمقاصد العربية، معبرة عن قمة التوهج الفكري النحوي لابن مالك، ولذا فقد سماها "الخلاصة" لكنها اشتهرت بالألفية حيث وصل عدد أبياتها إلى 1002 بيت من بحر الرجز. وقد حازت الألفية على قبول جمهور الطلاب والعلماء في مختلف مدارس العالم الإسلامي، فتسابق الطلاب في حفظ متنها، وتنافس العلماء في الاعتناء بها شرحا ومدارسة وتدريسا.
يعد نظم «المرشد المعين على الضروري من علوم الدين» أحد نماذج متون الفقه المالكي الماتعة، كتبه العلامة ابن عاشر المتوفى سنة 1040 هـ، وضمَّنه -إلى جانب الفقه- قدرًا من مبادئ العقيدة وقواعد التصوف، ليكون نظمه مرشدا للطلاب في دراسة علوم الفقه والعقيدة والتصوف، ومعينا لهم على الفهم الصحيح للدين بأقسامه الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان. ونتيجة لما حازه هذا المتن من قبول وانتشار بين طلاب المذهب المالكي ودارسيه، فقد كتبت عليه العديد من الشروح، منها شرح العلامة الموقت المراكشي، الذي تميز بالإيجاز دون إخلال، مع الاستفادة مما سبقه من شروح، والتركيز على ما تحتويه الأبيات من أحكام ومعان دون الوقوف طويلا عند الألفاظ بالشرح والتفصيل.
يعد كتاب الزرنوجي ضمن أهم نصوص التراث التربوي في الثقافة الإسلامية العربية، تلك النصوص التي حرص علماء المسلمين من خلالها على توثيق مختلف مكونات وعناصر العملية التعليمية، وبيان الصورة المثالية لها حسب معارف ومعايير العصر. وعلى الرغم من اختصاره إلا أن كتاب الزرنوجي استوعب أسس واركان عملية التعلم، عارضا إياها بأسلوب شائق جذاب. وقد تميزت معالجته للموضوع بنظرته الكلية إلى المتعلم، فلم يقتصر فقط على بيان الجوانب العقلية والعلمية، بل تناول أيضا الجانب الروحي والأخلاقي للمتعلم، والجانب البدني الصحي، والجانب الاجتماعي، كل ذلك بصورة منهجية غاية في الترابط والانسجام.
تضمَّن متنُ «النُّقاية» للعلامة السيوطي خلاصة أربعة عشر علمًا هي: أصول الدين، والتفسير، والحديث، وأصول الفقه، والفرائض (المواريث)، والنحو، والصرف، والخط (قواعد الإملاء)، والمعاني، والبيان، والبديع، والتشريح، والطب، والتصوف. وتُبرز هذه المجموعة من العلوم ما اتَّسمَّ به العلامة السيوطي من موسوعية علمية، كما تلقي بالضوء أيضا على بعض ملامح وأسس التكوين العلمي للطلاب آنذاك، فاختيار السيوطي لهذه العلوم تحديدا هو لكونها العلوم الأساسية التي ينبغي على الطلاب في رحلة تكوينهم العلمي أن يدرسوها، وقد عبر عن أهميتها السيوطي قائلا: « يحتاج الطالب إليها، ويتوقف كل عِلم ديني عليها».
متن جامع في التصوف المبني على العلم والفقه، اعتمد فيه مؤلفه على ربط مبادئ التصوف بأصولها من الكتاب والسنة، في مقاربات ربانية مبنية على فهم صحيح ونظر ثاقب. يتعرض الكتاب لمعنى السلوك والوصال، وعلوم الأحوال وعلوم الشريعة، ووجوب طلب العلم، وصفات الشيخ وطرائق اختياره، وضرورة الخلوة لحصول الجلوة، ومناهج الأنبياء والمرسلين في اعتزال العالمين في الخلوات، كما عرج أيضا على طرائق الذكر والتلقين، وشرائط الذكر، وفضائل الذاكرين، ومقامات السالكين، ومراعاة النفس ومعرفة أخلاقها، وأهم الطرائق في كبح جماحها. كل ذلك بأسلوب غاية في التقريب والتيسير، مع اعتماده في كثير من المواطن على الأسلوب الحواريّ المبنيّ على طرح سؤالٍ والإجابة عنه.
لما كان موضوع السيرة النبوية هو حياة خير البشر صلى الله عليه وسلم، وذكر ما فيها من أحداث ووقائع، وما تضمنته من مواقف وتعاملات، وما اشتملت عليه من دروس وعبر، فلا غرو أن يعتني المؤلفون والباحثون -قديما وحديثا- بهذه السيرة العطرة، مستعرضين لها من شتى الجوانب وبمختلف طرائق البحث. ويأتي كتاب "مورد الصفا" للعلامة الشيخ أحمد الحملاوي، مؤلف كتاب "شذا العرف" الشهير، كإضافة بارزة إلى مكتبة السيرة النبوية، اعتمد مؤلفها فيها على ما ورد في كتب أهل السير من مادة غزيرة، أحسن اختيارها، وأسبغ عليها ذوقه وخبرته بأساليب التعليم والتصنيف، فتصرف فيها توضيحا وتهذيبا، حتى جاء الكتاب محكم الطريقة، واضح الأسلوب، جامعا للعناصر الضرورية التي لا بد منها لكل راغب في التعرف على السيرة النبوية المطهرة.
مرّ التصنيف في علوم البلاغة بأطوار مختلفة إلى أن صارت علمًا مستقلًّا على يدَيِ الإمام عبد القاهر الجرجاني (ت: 471ﻫ) الذي وضع نظريتَيْ علم المعاني وعلم البيان في كتابيه «دلائل الإعجاز» و«أسرار البلاغة». ثم كثرت بعد ذلك التآليف في البلاغة، وتشعبت أبوابها، وزادت مسائلها الفرعية. وتأتي رسالة الشيخ الدردير المسماة بـ«تحفة الإخوان»، كإضافة أزهرية قيمة إلى هذا التراث العظيم من المؤلفات في علوم البلاغة، حيث تحدث فيها عن المجاز والاستعارة والكناية بأسلوب مختصَر، مقتصِرًا فيها على بعض الأقسام تقريبًا للمبتدئين، وبعد انتهائه منها قام بشرحها شرحا وافيا، ليأتي بعد ذلك تلميذه الشيخ أحمد الصاوي فيكتب حاشيته عليها، رغبة في تحقيق المزيد من الإفادة منها.
يعد علم العقيدة من أفضل العلوم على الإطلاق، فهو العلم الذي تنبني عليه سعادة الدنيا والآخرة؛ أما الأولى فبما يحصل لصاحبه من اليقين في الدين، واطمئنان قلبه على المعتقد السليم، وأما الثانية فلأن أدنى ثمراته النجاة من الخلود في الجحيم، وأعلاها الفوز برؤية المولى - بلا كيف ولا انحصار- في دار النعيم. لذلك فقد كثرت مصنفات علماء الأمة الإسلامية في هذا العلم وتنوعت، واشتهر من بين هذه المصنفات مجموعة من المتون والشروح، تلقتها الأمة بالقبول، وكتب الله لها الانتشار والذيوع، كان من أبرزها منظومة "الخريدة البهية"، التي نظمها وشرحها العلامة الشيخ أحمد الدردير، والتي تميزت برصانة أسلوبها، وعمق وغزارة معانيها، وتميز شرحها بالبساطة والوضوح، مع حرص على بسط الأدلة وتحرير البراهين، وبيان لأثر العقيدة السليمة في تزكية النفوس.
يعد علم الصرف أساسًا لكل العلوم اللغوية والشرعية، نظرا لكون موضوعه هو أبنية الألفاظ العربية، ويأتي هذا الكتاب كنموذج لعناية علماء الأمة ومدارسها بعلم الصرف، قام بتأليفه الشيخ أحمد الحملاوي، وهو واحد من الأزهريين الذين جمعوا في تكوينهم العلمي بين منهجية المدرسة الأزهرية ومنهجية دار العلوم. بنى الشيخ الحملاوي كتابه معتمدا على ما ورد في كتب اللغويين القدامى من مادة غزيرة، أحسن اختيارها، وأسبغ عليها ذوقه وخبرته بأساليب التعليم والتصنيف، فتصرف فيها توضيحا وتهذيبا، وتنسيقا وتبويبا، حتى جاء الكتاب محكم الطريقة، واضح الأسلوب، جامعا للعناصر الضرورية التى لا بد منها لدارسي علم الصرف.
تفنن علماء المسلمين في نظم المتون الأساسية في مختلف العلوم، وفي صوغ مفردات العلوم في صورة شعرية، تجمع بين سلاسة المفردات، وإحكام الصياغة، ودقة المعاني، وسلامة الوزن، وجمال الصورة، وطرافة التوجه. ولما كانت المقدمة الآجرومية من أكثر المتون النحوية قبولً وانتشارًا بين دارسي اللغة العربية، فقد انبرى لنظمها الشيخ شرف الدين العِمريطي، صاحب المنظومات المتقنة الرائقة، فنظمها نظمًا بديعًا، أكسبها خفة وجمالً. وقام العلامة الشيخ الباجوري بشرح النظم، مفسرًا لألفاظه، ومبينًا لمراده، ومتمِّمًا لفوائده، معزِّزًا لكل ذلك بالأمثلة والشواهد والأدلة، ومبرزا لما تضمَّنه النظمُ وأصلُه من إحكام في الصياغة، ودقة في التعريف، وإحاطة بالموضوع.
يعد الحديث المسلسل بعاشوراء أحد أشهر الأحاديث المسلسلة، حيث حظي باهتمام كثير من العلماء لما لذلك اليوم من شرف وفضل عظيم. وفي رسالته المسماة بـ«مسلسل عاشوراء»، أثبت العلامة الأمير الصغير سنده لهذا الحديث، والذي يعد من أشهر أسانيده، وأبان عن معنى التسلسل وفضيلته، كما شرح الحديث متناولً بعضًا من فضائل عاشوراء. وفي شرحه على هذه الرسالة، حرص الشيخ الببلاوي على بيان الفوائد الحديثية فيها، فترجم لرجال السند، واستعرض متن الحديث ورواياته، وأبان عن معنى التسلسل وأنواعه وأمثلته، ليخلص بعد ذلك إلى الحديث عن يوم عاشوراء، وما ورد في فضله من روايات وآثار، مستعرضا ومناقشا لأقوال العلماء في تلك الأحاديث والروايات، مبرزًا ما اتسم به من معرفة واسعة بعلوم اللغة والحديث والفقه، وقدرة على عرض القضايا والآراء ومناقشتها.
حرص علماء المسلمين في شتى العصور على تعريف الأمة بسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم وشمائله، وذلك لما يدركونه من الأثر الإيجابي لهذه المعرفة على حال المسلمين ومآلهم. وكانت قصة مولده الشريف صلى الله عليه وسلم مما اشتدت عناية مؤرخي وعلماء المسلمين به، فصنفت في ذلك المختصرات المُسماة بالموالد، والتي كتبت للإلقاء على العامة في ذكرى المولد النبوي الشريف، وتميزت بأسلوبها البلاغي واعتمادها الفواصل المسجوعة، لتصلح للإنشاد والتغني بها. ولما كانت قصة المولد النبوي الشريف التي كتبها العلامة البرزنجي، والمسماة بـ «مولد البرزنجي» من الموالد التي كتب لها الذيوع والانتشار في كثير من الأقطار، قام العلامة الشيخ محمد عليش المالكي الأزهري بعمل هذا الشرح عليها، إجلاء لمعانيها، وتفصيلا لما اختصر من مبانيها، ليكون القارئ للمولد على معرفة وافية مؤصَّلة بقصة مولده الشريف صلى الله عليه وسلم.
أسهمت منهجية المتون بصورة بالغة في استدامة وازدهار النشاط العلمي في مختلف مدارس العالم الإسلامي، وفي مقدمتها الأزهر الشريف المعمور. وفي علم النحو -وإلى جانب ألفية ابن مالك، والمقدمة الآجرومية- حازت المقدمة الأزهرية التي كتبها الشيخ خالد الأزهري قبولا واسعًا، وظلت مدة طويلة تدرس في الأزهر بعد الآجرومية، وكتبت عليها العديد من الشروح والحواشي. وفي شرحه لمقدمته، حرص الشيخ خالد الأزهري على تطعيم المتن بالعديد من الأمثلة التوضيحية، كما ختم الشرح بقسم تطبيقي تضمن إعراب بعض من قصار سور القرآن الكريم إعرابًا كاملًا، تدريبًا للطلاب على كيفية الإعراب.
يُعدُّ متن الآجرومية في علم النحو من أنفع المتون للمبتدئين، كتبه العلامة ابن آجُرُّوم بمكة المكرمة، واتسم بالوجازة والإحاطة وحُسن الترتيب، فتلقته جموع الدارسين والعلماء بالحفاوة، وكتب الله له القبول ببركة وصلاح صاحبه، فاعتمده الشيوخ والأساتذة ضمن المتون العلمية الأساسية في مختلف مدارس العالم الإسلامي، وكتبت عليه الكثيرمن الشروح والحواشي، كما نظمه وشرح نظمه الكثير من العلماء. ولم يكن علماء الأزهر الشريف بمنأى عن هذه الحفاوة بمتن الآجرومية، فشرحه، وشرح نظمه، وحشَّى على شروحه العديد من علماء الأزهر الشريف، ومنهم العلامة المتقن الشيخ خالد الأزهري الذي عرفت مؤلفاته بالسهولة، وكثر النفع بها لإخلاصه ووضوحها.
يمثل هذا الكتاب -نظما وشرحا- أحد نماذج إسهام المدرسة الأزهرية في خدمة علوم السُّنَّة المشرَّفة، فقد قام العلامة الشيخ محمد البسيوني البيباني (المالكي الأزهري المتوفى سنة 1310هـ) بنظم مقدمة القسطلاني في علم الحديث، التي قدَّم بها القسطلاني لشرحه على صحيح البخاري. وقد تميزت منظومة البيباني عن غيرها من المختصرات المنظومة كالبيقونية وغيرها بعدم اقتصارها على التعريفات، بل اشتملت على الأقسام والشروط، مع ضرب الأمثلة وتعقُّبات أهل الفنِّ. وجاء العلامة الأبياري فشرح المنظومة شرحا وافيا، جمع فيه بوجه مختصر كل ما يحتاج إليه طالب هذا العلم، موشِّحا الشرح بالكثير من الفرائد والفوائد.
يندرج كتاب «تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس» ضمن مجموعة مؤلفات ابن عطاء الله السكندري التي حرص من خلالها على تبصير الناس بأمراض النفوس، وإرشادهم إلى كيفية معالجتها، والأخذ بأيديهم لما فيه تزكيتها والارتقاء بها إلى حضرة ربهم عزّ وجلّ. وعلى نفس منوال «الحكم العطائية» يأتي «تاج العروس» حاويا لمجموعة متوالية من التوجيهات الإرشادية والمواعظ التربوية، يشخص من خلالها ابن عطاء الله أمراض النفوس المختلفة، واصفا الدواء، ومبينا لكيفية التداوي، مدرجا أحيانا بعضًا مما جاء في «الحكم»، وبعضا مما جاء في كتابه «التنوير في إسقاط التدبير»، وذلك حسبما تدعو إليه الحاجة، حرصًا منه - رضي الله عنه - على استيفاء التشخيص واكتمال المعالجة.
جمع الإمام النووي في كتابه "الأربعون النووية" الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، واشتهرت هذه الأربعون وكثُر حِفظها، ونفع الله بها ببركة نية جامِعِها وحُسنِ قَصدِه رحمه الله، فدَرَسها الطلاب في مختلف الأمصار والأعصار، وقام على شرحها جمع غفير من الأئمة الأعلام، كابن دقيق العيد، وابن رجب الحنبلي، وابن حجر المكي الهيتمي، ومُلَّا علي القاري، والشبراخيتي، وآخرون. ثم قيَّض الله تعالى لكتاب الأربعين النووية علما من أعلام الأزهر، هو العلامة الشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري فكتب هذا الشرح اللطيف، الذي تجلَّت فيه طريقتُه الأزهرية ونَفَسُه الصوفي الخاص، فجاء شرحُه مُكمِّلا لما بذره فيه سلفُه الإمام النووي رحمهما الله تعالى، ورحمنا بهما وبعلومهما.
يهدف هذا الكتاب إلى تصحيح العقيدة، وإزالة الشبه، ونفض غبار الخيالات والأوهام، فيما يتعلق بالتوكل على الله تعالى، لا سيما في أمر الرزق الذي ضمنه سبحانه قبل أن يكلف العباد بآماد بعيدة وأزمنة مديدة. ولما تفاوتت العقول في القدرة على استيعاب ذلك، وعجزت كثير من النفوس عن التوفيق بين إحكام الأخذ بالأسباب والتحقق بمقام التوكل، جاء ذلك التنوير الإلهي، بإسقاط التدبير البشري بالتبصير الرباني، على يد العالم العارف والولي الكامل سيدي ابن عطاء الله السكندري، الذي جابه النفوس بما جبلت عليه من خوف في أمر الرزق وجزع، وحرص وطمع، فحللها أيما تحليل، وفصَّل طباعها وتعلقاتها أيما تفصيل، فشخَّص الداء وقدم له الدواء، مستندا في كل ما قدم إلى تجربته الصادقة وتربيته الكاملة، بعد اغترافه من مشكاة نور الرسالة، ومعدن فيض النبوة، ومصادر التشريع التي لا تخفى.
يعد كتاب «تلخيص المفتاح» للعلامة جلال الدين القزويني المعروف بخطيب دمشق (ت: 739) من أهم المختصرات التي كتبت على «مفتاح العلوم» للإمام السكاكي (ت: 626) في البلاغة، وقد اشتهر تلخيص القزويني شهرة واسعة، وحظي باهتمام علماء البلاغة، فكثرت شروحهم وتقريراتهم عليه. ويندرج هذا الكتاب -حسن الصنيع- في سلك تلك الشروح التي كتبت على تلخيص الخطيب، غير أن العلامة البيباني لم يفعل كما فعل الشارحون بأن يذكر المتن ويشرحه، وإنما صنَّفه على هيئة كتاب مستقل خال من المتن، ورتبه وفق ترتيب التلخيص. وهو -على صغر حجمه- كتاب قيم في هذا الفن، عظيم الفائدة، أسلوبه سهل يسير، خال من التعقيد، يفيد منه الطالب المبتدئ والباحث المتعمق.
أنشدت قصيدة "بانت سعاد" بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي مدحه، وقد نالت عظيم القبول والإعجاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلع بردته ودفعها إلى كعب بن زهير إعجابا بها، وكان ذلك سببا لاحتفاء المسلمين على مر عصورهم بهذه القصيدة، واعتبارها أساسا لقصائد المديح النبوي. وفي شرحه للقصيدة، استطاع العلامة الشيخ الباجوري، أن يوضح ما اشتملت عليه من نعوت الحضرة النبوية، وأوصاف أصحابه المرضية، وأن يشرح ما بها من الفوائد الأدبية، فلم يترك ناحية من نواحي نظمها وبنائها إلا تناولها بالتحليل والتفصيل، فشرح ألفاظها، ووضح غريبها، وضبط كلماتها، وحقق رواياتها، وأبان عن وجوه إعرابها، وكشف عن أساليب بلاغتها، وسمو بيانها، ومظاهر تفردها وإبداعها.
على الرغم من عناية الشريعة الإسلامية البالغة بالنساء وحقوقهن، إلا أن تلك القضية ظلت تُشكِّل مدخلا من مداخل التحامل والتجني على الشريعة الإسلامية الغراء من قِبل الجاهلين والحاقدين، خاصة من أهل الأمم الأخرى، حيث استعصى عليهم فهم الكثير من أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالنساء، كالأمر بالحجاب، وإباحة التعدد للرجال دون النساء، وجعل العصمة بيد الرجل في الطلاق، وما إلى ذلك من أحكام تخالف ما درجوا عليه في مجتمعاتهم. ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي كتبه العلامة الشيخ حمزة فتح الله، مشاركًا به في مؤتمر المستشرقين الثامن المنعقد في مدينة استُكهُلم سنة 1889م، ممثلا عن الحكومة المصرية، حيث يبرز الكتاب نموذجا راقيا لما كان عليه علماء الأزهر الشريف من تمكن في علوم اللغة والشريعة، وإحاطة بتاريخ الأمم وحضاراتها، وقدرة بالغة على عرض الحقائق وربط القضايا بعضها ببعض.
لم يشتهر أحد في مجال مدح خير البرية صلى الله عليه وسلم، مثلما اشتهر الإمام البوصيري صاحب البردة الشهيرة التي فاقت شهرتها شهرة صاحبها، والتي تعتبر من الفرائد في مدحه صلى الله عليه وسلم. وقد اشتملت "البردة" على جمل من صفاته ومعجزاته وسيرته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم، فكان لها عظيم الأثر في تعريف جماهير المسلمين بسيرته صلى الله عليه وسلم وشمائله، وحرص لذلك علماء الأمة على شرحها وبيان معانيها. وفي هذا الشرح الماتع للقصيدة، حرص شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري الشافعي الأزهري على بيان ما في أبيات البردة من براعة لغوية، وعلى التأصيل الشرعي لما اشتملت عليه من معان، فجاء شرحه -على اختصاره- حاويا للعديد من الإشارات النحوية والبلاغية، والكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال العلماء.
شرح العلامة الشيخ حسن القويسني على نظم "السلم المنورق" في علم المنطق مع جداول توضيحية وتعليقات من فضيلة الأستاذ الدكتور جمال فاروق، عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر بالقاهرة. يسمى علم المنطق بعلم القسطاس أو الميزان، حيث يزن به الإنسان المعلومات التي يكتسبها ويميز صحيحها من فاسدها أو سقيمها، فهو معيار التفكير وميزان الفهم، تعصم مراعاته الذهن عن الخطأ، وهو معدود في علوم الآلة، لا علوم المقاصد أو الغايات، لأنه ليس علمًا مستقلا، بل هو خادم لجميع العلوم، فلا يتمكن إنسان أن يفكر في أي علم إلا مع مراعاة قوانين المنطق وملاحظة قواعده. ويعد هذا الكتاب المبارك الذي بين أيدينا للإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف في عصره، الشيخ حسن القويسني -رحمه الله- من أنفع الكتب المسطورة في هذا المجال، حيث شرح فيه نظم «السلم المنورق» للعلامة الأخضري -رحمه الله- شرحًا مبسطًا مختصرًا مناسبًا للمبتدئين من طلبة العلم الشريف.
استحوذت قضية النفس الإنسانية على اهتمام الفلاسفة والحكماء قديما وحديثا، وكان لابن سينا، فيلسوف الإسلام، اهتمام بالغ بقضية النفس، فخصص لها العديد من المؤلفات والقصص الرمزية، ونظم فيها قصيدته العينية المشهورة، التي اهتم بها العلماء قديما وحديثا، فشرحها كثيرون، وخمسها وعارضها العديد من الشعراء. وقد اختار العلامة المناوي -رحمه الله- أن يتعرض لقضية النفس من خلال شرح القصيدة العينية، ومهد للشرح بمقدمة وافية، ابتدأها بعرض أقوال العلماء في تعريف النفس الناطقة، مقررًا رأي علماء المسلمين وأئمة الصوفية في هذه المسالة. وفي شرحه لأبيات القصيدة، التزم المناوي بمنهجية علمية تعليمية، تقوم على ذكر معاني مفردات كل بيت أولا، ثم إعراب تلك المفردات ثانيا، لينتقل من خلال ذلك إلى بسط القضايا التي يتناولها البيت ثالثا، مع التنبيه على ما يتعلق بكل ذلك من شبهات أو يثار حوله من مسائل رابعا.
موضوع هذا الكتاب هو الحِكَم، والحكمة هي الخير الكثير كما قال الله تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾، وهي ضالَّة المؤمن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكلمة الحكمة ضالة المؤمن، حيث وجدها فهو أحق بها). وقد صدرت هذه "الحكم" من قلب العارف بالله ابن عطاء الله السكندري قبل أن يتفوَّه بها لسانه، لذا كتب الله تعالى لها القبول والذيوع، فكثُر شُرَّاحُها والمنتفعون بها في جميع أقطار المسلمين، وكان منهم العلامة الشرقاوي شيخ شيوخ الأزهر في عصره، الذي جاء شرحه منسجما مع "الحِكم" في كونه معبرا عن تجربة شخصية صادقة، إضافة إلى ما تميز به الشيخ الشرقاوي من تمكن علمي وأستاذية في العرض.
تعد الأحاديث القدسية من جملة السنة النبوية، وتوصف بالقدسية لأن معانيها تدور على تقديس الله وتنزيه ذاته العلية عن النقائص وما لا يليق به سبحانه، وعلى تقديس صفاته جل جلاله وتعالى في علاه، فهي في جملتها تتعلق بالحق -سبحانه وتعالى- بتبيين عظمته، وإظهار رحمته، والتنبيه على سعة ملكه وكثرة عطائه. ويعد كتاب «الإتحافات السَّنيَّة بالأحاديث القدسية» للعلامَّة المحدث الشيخ زين الدين عبدالرؤوف المناوي -رحمه الله- من أحسن الكتب التي جمعت جملة من هذه الأحاديث، وقد رتَّبها الإمام المناوي على بابين: - الأول: فيما صدّره المصطفى صلى الله عليه وسلم بلفظ: «قال الله عز وجل»، - والثاني: فيما صدَّره بغيرها وقول الله تعالى في ضِمنه، ورتَّبَ كِلا البابين على حروف المعجم، مع ذكر الراوي الأعلى، وعزوها لمصادرها.
يأتي التوسل في لغة العرب لعدة معان، يقال: توسَّل إليه بكذا، تقرَّب إليه، ووسل فلان إلى الله وسيلة، إذا عمل عملًا تقرب به إليه، ومنه قوله تعالى: ﴿وابتغوا إليه الوسيلة﴾، أي ما تتوسلون به إليه مما يقرّبكم إلى نيل ثوابه من فعل طاعة أو ترك معصية. ويقع التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والأولياء على وجوه عدة، يستعرضها فضيلة الشيخ محمد حسنين مخلوف في هذا الكتاب، مبينا حكم كل منها، والأصول التي يُرجع إليها في ذلك، مستشهدا بالنصوص الشرعية وأقوال العلماء المتعلقة بها، عارضا لمختلف الألفاظ والصيغ التي يستخدمها الناس في دعائهم وتوسلهم، مناقشا للشُّبه والاعتراضات المثارة من قبل البعض حول التوسل وحول تلك الصيغ، ومنبِّها على الصيغ والألفاظ التي من اللائق بالمؤمن أن يتجنبها في دعائه وتوسله.
لما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الطاعات وأعظم القربات تعددت -على مر عصور الإسلام- صيغ الصلوات، لتتضمن إلى جانب الدعاءِ الثناءَ على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، ومدحه بأوصافه الشريفة التي وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة، إما صراحة أو تضمينا وإشارة. ويعد كتاب «دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار» الذي كتبه الإمام الجزولي الحسني، من أكثر كتب الصلوات قبولا، وأوسعها انتشارا، وقد كثرت لذلك شروح وحواشي علماء الأمة عليه، ويأتي شرح العلامة الشيخ الشرنوبي كامتداد لتلك الشروح الخادمة لهذه الصلوات النفيسة، حرص فيه مؤلفه على وجازة العبارة وإفادتها، مع إضافته لبعض التعديلات في تقسيم الصلوات اعتمادا على نسخة بعض العارفين، وإشارته لذلك في موضعه، ليكون القارئ على بصيرة في اختياراته.
حظيت قصيدة البردة، التي نسجها الإمام البوصيري، بقبول جماهير المسلمين على مر العصور، ولم يُرَ لقصيدة أخرى تأثيرٌ مثل تأثيرها، فاعتنى لذلك علماء المسلمين بشرحها وبيان معانيها، متناولين في شروحهم القصيدة من مختلف نواحيها. وفي هذا الشرح الذي بين أيدينا، تناول علم من أعلام الأزهر الشريف، وهو الشيخ خالد الأزهري، القصيدة من ناحية لغوية، فعرض بصورة مختصرة لمعاني الكلمات الواردة في كل بيت، متبعا ذلك بإعراب كلمات البيت، وبيان ما في تلك الأبيات من نواح بلاغية، معقبا بذكر محصل معنى تلك الأبيات. يعد الشرح لذلك بمثابة مدخلٍ لغويٍ لفهم قصيدة البردة، ونموذجا لكيفية توظيف علوم اللغة في فهم معاني النصوص.
حرص المسلمون على مر عصورهم وامتداد أقطارهم على إقامة مجالس الذكر، وتسابق علماؤهم وصلحاؤهم في جمع الأذكار القرآنية والنبوية، وشرح ما رتَّبه الشارع على كل منها، وبيان فضل الذكر، وتوضيح آدابه. ويمثل الكتاب الذي بين أيدينا أنموذجا لهذا الاحتفاء بالذكر، حيث يضم مجموعة الأذكار القرآنية والنبوية التي تخيَّرها وجمعها العلامة الشيخ أحمد زرُّوق الفاسي (ت 899 ﻫ) والتي اشتهرت باسم «الوظيفة الزروقية »، مع شرحها للشيخ أحمد السجاعي الأزهري (ت 1197 ﻫ)، وكذلك ذكر أدلتها من السنة النبوية المطهرة للشيخ عبد الرحمن البنا الساعاتي (ت 1378 ﻫ). يضم هذا الإصدار: 1- متن الوظيفة الزروقية: وهي مجموعة الأذكار القرآنية والنبوية التي تخيَّرها وجمعها العلامة الشيخ أحمد زرُّوق الفاسي (ت 899ﻫ) 2- شرح الوظيفة الزروقية المسمى "الفوائد اللطيفة على شرح الوظيفة" للشيخ أحمد السجاعي الأزهري (ت 1197ﻫ) 3- ذكر أدلة أذكاها من السنة النبوية المطهرة، وهي الرسالة المسماة "تنوير الأفئدة الزكية بذكر أدلة الوظيفة الزروقية" للشيخ عبد الرحمن البنا الساعاتي (ت 1378ﻫ).
لما كانت الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم من أكمل الطاعات وأفضل القربات وأرجى الوسائل، استكثر المسلمون منها، وتعددت على مرِّ عصورِهم صيغُها، وكان للسادة الصوفية الأعلام النصيبُ الأوفرُ في صياغة مثل هذه الصلوات، مدحا للمصطفى صلى الله عليه وسلم وثناءً عليه، وتعدادًا لخصاله وسجاياه الكريمة، وتعبيرًا عما كشف الله عز وجل لهم من لطائف نورانية ومعارف ربانية متعلقة بحقيقته صلى الله عليه وسلم. وتأتي صلوات السيد أحمد بن إدريس نموذجا منيفًا لمثل هذه الصيغ النورانية المباركة، التي تجعل من الحقائق الأحمدية المحمدية محورا لها. وفي شرحه على هذه الصلوات، استطاع العلامة الهجرسي أن يبرز الخفي من أسرارها، ويكشف اللثام عن عجيب معانيها وبليغ إشاراتها، مما يُعين التالي لهذه الصلوات على تفهُّم عباراتها وتأمُّل معانيها، فتنكشف له كمالات سيد الكائنات صلى الله عليه وسلم، ويستنير قلبه بأنوار أسرارها.
يعد هذا الكتاب حلقة في سلسلة المؤلفات التي تتناول قضية الاجتهاد والتقليد والتجديد وتتبع الرخص، وهي القضايا التي لن تتوقف عن شغل بال أبناء اﻷمة، خاصة في فترات حراكها الفكري والثقافي. وقد ألّف هذا الكتابَ الحسيبُ النسيبُ، محيي موات مذهب الشافعي، السيد أحمد بك الحسيني، الشافعي الأزهري، اعتناء بالبحث في قضية التلفيق بين المذاهب، وتتبع الرخص من بينها، فعالج ضوابط هذه المسألة، وقدمها للقارئ بصورة مفصَّلة جامعة -على الرغم من صغر حجم الكتاب- مع تقرير للمسائل اﻷصولية بطريقة فصيحة وأسلوب رصين، يجعل من الكتاب مرجعًا لا غنى عنه لكل باحث في مسألة التقليد والتلفيق.
لما كان مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم دليلا على كمال الإيمان، ومؤشرا على صدق المحبة للرحمن، لهجت ألسنة الشعراء المؤمنين على امتداد تاريخ الإسلام بمدحه صلى الله عليه وسلم، وانتشرت قصائد المديح النبوي في سماوات قلوب المحبين العاشقين في كل بقاع الإسلام، يستمطرون منها معاني المحبة وصادق الود لحبيب رب العالمين. وتأتي قصيدة "راحة الأرواح" التي نظمها الشيخ محمد الهراوي الشافعي امتدادا لهذه السنة الحسنة المستمرة عبر قرون الإسلام، واقتفى فيها ناظمها ؤ خطى الإمام البوصيري في بردته الشهيرة التي كتب الله لها القبول والانتشار في سائر الأمصار. وقد جاء شرح العلامة الأبياري -الذي كان يسمى بقاموس اللغة- على هذه القصيدة شاهِدًا على قوة معانيها وبلاغة مبانيها، وجدارتها بأن تحتل موقعها وسط قصائد المديح النبوي عامة، ومعارضات البردة خاصة.
لما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أكمل الطاعات وأفضل القربات وأرجى الوسائل، استعذب المسلمون في كل عصر ومصر ترديدها، فرطبوا بها ألسنتهم، وزينوا بها أحاديثهم وكلامهم، وعقدوا لها المجالس والحلق الجماعية، واستكثروا من صيغها الحاوية لشمائله صلى الله عليه وسلم وخصائصه، والمشتملة على مدحه وعظيم تقديره، والمعبرة عن محبته وخالص مودته وتوقيره. ويعرض هذا الكتاب لمجموعة من أعظم تلك الصيغ، وهي صلوات العارف بالله تعالى العلامة الشيخ الدردير، والتي تضم مجموعتين من الصلوات: الأولى جمعها من كلام غيره، والثانية من إنشائه ؤ، وقد شرح الجميع شرحا وافيا تلميذه العلامة الفاضل الشيخ أحمد الصاوي، كشف فيه عن جمال مبانيها ودقة معانيها، مما يجعل التالي لها على معرفة واعية بمعانيها، وفهم دقيق لمقاصدها ومراميها.
يتناول هذا الكتاب قضية فتح باب الاجتهاد والتجديد في الدين، ويعد حلقة مهمة في سلسلة المؤلفات التي تناولت هذه القضية التي شغلت بال المسلمين زمنا ولا تزال، فجاء الكتاب مؤكدا على فكرة حتمية وجود مجتهد في كل عصر، شريطة أن تتوافر فيه الشروط التي اشترطها أهل العلم في كل مجتهد، وكان بحثا علميا رصينا لم يغلق فيه الباب أمام من علت همته وتوفرت فيه شروط هي في حقيقتها بدهية فيمن يرجو الوصول لدرك تلك الرتبة العلية، والقيام بهذه الوظيفة السنية. ويظهر الكتاب رفاعة الطهطاوي العالم الأزهري المتمكن من علوم الدين، والعارف بمعارف الدنيا، الذي زار أوروبا فلم يغره زيف بهرجتها، واستفاد من حضارتها ولم تبهره في انحلالها، وعاد وهو يرجو نهضة وطنية وبعثا علميا دنيويا على أساس من الشرع الحنيف.
يعد الشيخ الجرجاوي هو أول داعية للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث، حيث قام برحلة إلى اليابان سنة 1906م للدعوة إلى الإسلام، مسجلا في هذا الكتاب وقائع ومشاهدات تلك الرحلة، فوصف المدن التي مر عليها وذكر شيئا من تاريخها، كما تعرض بالتفصيل لأحوال اليابان آنذاك، واستعرض أنشطته الدعوية وما أسفرت عنه من إسلام الآلاف من اليابانيين في وقت وجيز. وإلى جانب ما تضمنته هذه الرحلة من معلومات تاريخية واجتماعية ودينية قيمة، فإن أهميتها تتجلى أيضا في كونها تعكس سعة ورحابة التكوين الأزهري الذي أفرز أمثال الشيخ علي أحمد الجرجاوي وغيره من الرحالة الأزهريين.
يبحث هذا الكتاب النفيس في أمر الروح الإنساني، ويتتبعها في نشآتها المتعددة، بداية من خلقها وأخذ الميثاق عليها في عالم الأرواح، ثم هبوطها من عالم الأرواح وتعلقها بالبدن الإنساني، ثم مفارقتها البدن وانتقالها إلى عالم البرزخ، ثم نشأتها الأخيرة بالبعث والنشور ومصيرها إلى الجنة أو النار. وقد استوعب العلامة الأبياري آراء الفلاسفة والحكماء من أهل الملل الأخرى في كل ذلك، معقبا عليها بأقوال علماء الإسلام، مستعرضا لحجج هؤلاء وأولئك، منبها القارئ على ما في بعض آراء الفلاسفة والحكماء من زيف وتدليس، مفندا لتلك الآراء بمنتهى الحيادية العلمية. يعكس الكتاب لذلك صورة دقيقة للمنهجية العلمية الأزهرية التي اتسمت بقدرتها على استيعاب شتى الآراء والاتجاهات، والتعامل معها بمنتهى الحيادية العلمية، وقدرتها على صهر جميع الجهود العلمية في بوتقتها، مبرزة لسبكها الجيد، ونافية لخبثها وشوائبها.
يعرض هذا الدليل لمناسك الحج والعمرة، مرتبة بأسلوب بديع لم يسبق له مثيل، وذلك في شكل جداول، يتعرف من خلالها مُريد الحج والعمرة، على المناسك مرتبة ترتيبا طبيعيا واقعيا، وحكم كل منها في المذاهب الأربعة، وقد وضعه فضيلة الشيخ محمد حسنين مخلوف، بعد عودته من حج بيت الله الحرام وزيارة مدينة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام. وما أحوج المسافر للحج والعمرة إلى استصحابه، لمعرفة الحكم الشرعي في كل نسك، ومعرفة ما يطلب من الأعمال في كل يوم، فهو –كما قال رحمه الله– ك «نتيجة الجيب » التي يرجع إليها لمعرفة مواقيت الصلاة في أقرب وقت وبأيسر طريق.
يُطلق الثبَت في اصطلاح المحدثين على الصحيفة أو الكتاب الذي يجمع فيه المحدث أسماء شيوخه ويثبت فيه أسانيده ومروياته، ويعد الثبَت بذلك شكلا من أشكال توثيق المنهجية العلمية التي عرفتها أمة المسلمين. حرص لذلك علماء المسلمين على الإشارة في أثباتهم إلى أهمية اتصال الأسانيد، والتأكيد على أهمية طلب التلميذ للإجازة من شيخه بعد أن يأخذ بأسباب التلقي ويستوفي شرائطه، وأهمية الإجازة وفائدتها لطالب العلم. ويعد ثبت الشبراوي نموذجا أزهريا رائعا لعرض هذه المنهجية العلمية الأصيلة، وقد أثبت العلامة الشبراوي فيه مشايخه وأسانيده ومروياته، كما تتبع وفيات المشايخ وترجم للعديدين منهم، مضمنا نصوصه العديد من الأبيات الشعرية الماتعة.
.. ما إن يأتي شهر ربيع الأول من كل عام إلا ويستعد المسلمون في كل بقاع الأرض للاحتفال بذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعقدون المجالس للتذكير بسيرته، وإنشاد القصائد في مدحه، وتلاوة إحدى قصص مولده صلى الله عليه وسلم، مما كتبه علماء وأئمة المسلمين من قصص اشتهرت باسم "الموالد"، كمولد المناوي، ومولد البرزنجي، ومولد الدردير، وغيرها. وفي هذا الكتاب يتناول العلامة الشيخ إبراهيم الباجوري بالشرح أحد تلك "الموالد" الهامة، وهو المولد الذي كتبه العلامة ابن حجر الهيتمي، متحدثا فيه عن قصة النور المحمدي الشريف، وانتقاله من الأصلاب الذكية إلى الأرحام الطاهرة، وعما صاحب مولده الشريف من إرهاصات، وعن رضاعه وما صاحبه من آيات، ومراحل طفوليته وشبابه إلى أن بعثه الله تعالى خاتما للمرسلين ورحمة للعالمين.
افتتح العلامة الدمنهوري تفسيره هذا بمقدمة قيمة في علوم القرآن الكريم، بين فيها بإيجاز معنى التفسير والتأويل، والفرق بينهما، ثم تناول السور المباركة من "الضحى" إلى "الناس" بالتفسير التحليلي، متبعا منهجية فريدة، حيث تحدث في بداية كل سورة عن مكيتها أو مدنيتها، مبينا معاني الغريب من ألفاظها، معربا للمشكل من كلماتها، ثم فسر الآيات تفسيرا تحليليا بقدم راسخة، معتمدا على مصادر التفسير الأصيلة المأثورة والمعقولة، مختتما تفسير كل سورة بذكر ما جاء فيها من قراءات على وجه الإجمال. وختم كتابه بخاتمة مباركة تناول فيها فضل تلاوة القرآن الكريم والترغيب فيه، وما يحذر منه حامل القرآن من الرياء وغيره، والحال التي ينبغي أن يكون عليها حامل القرآن الكريم، وفيما يكمل به حال طالب القرآن، وصفة من يقرأ عليه ويؤخذ عنه، وهي قضايا لا غنى عنها لحاملي القرآن.
هذا الكتاب هو شرح لقصيدة "نهج البردة" التي نظمها أمير الشعراء أحمد شوقي، في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، معارضاً بها قصيدة "البردة" للإمام البوصيري. وقد قام العلامة الشيخ سليم البشري في هذا الشرح باعتماد منهج تعليمي يداول أوجه الشرح المختلفة بين أبيات القصيدة، فيبسط الكلام في شرح معنى بيت من الأبيات، ويقتصر في بيت آخر على شرح الأوجه البلاغية، ويسرد في بيت ثالث القصة أو الواقعة المشار إليها، ويعرض في بيت رابع لتفسير معاني الكلمات، تاركا للقارئ مساحة يجول فيها ذهنه، فيقيس ما غاب عنه على ما تقدم له من التفسير والشرح. يقول الأديب الكبير محمد المويلحي عن هذه القصيدة وشرحها: "إن قصيدة تُصنَع في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكون أميرُ الشعراء قائِلَها، وشيخُ الإسلام شارِحَها، لهي جديرة بأن تنحني لها الرؤوسُ إعظاما وإكبارا...".
اشتهرت بمرور الأزمان مجموعات من الأحاديث، انتشرت على الألسنة وتداولها الخواص والعوام، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو أقل رتبة من ذلك، بل منها الموضوع وما ليس بحديث أصلا. كثرت لذلك مصنفات علماء المسلمين في الأحاديث المشتهرة على الألسنة، قياماً منهم بواجبهم في الحفاظ على سنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. ولما كان كتاب "المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة" للحافظ السخاوي، من أعظم ما ألف في هذا الباب، اهتم العديد من العلماء باختصاره حتى يقربه للطالبين وييسره للراغبين، ويسهله للمتعجلين، وكان من ضمن هؤلاء الأجلاء العلامة المحدث محمد بن عبد الباقي الزرقاني رحمه الله، والذي رتب مختصره على حروف المعجم كأصله، مكتفيا بذكر الحديث يعقبه الحكم عليه، فعم نفع كتابه واعتمده الناس وزينوا به بيوتهم.
ليلة النصف من شعبان هي ليلة من الليالي المباركة، التي يتجلى الله فيها على خلقه بعموم مغفرته، وشمول رحمته، فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويجيب دعاء السائلين، ويفرج عن المكروبين، ويعتق فيها جماعة من النار، ويكتب فيها الأرزاق والأعمال. وقد كتب العلماء فيها الكثير من الرسائل والمؤلفات، وكان منهم العلامة الأزهري المحدث نجم الدين الغيطي رحمه الله تعالى، الذي استهل مؤلفه بالحديث عن أوائل سورة الدخان، كمقدمة تأسيسية للحديث عن ليلة النصف من شعبان، فعدّد أسماءها، وسرد ما ورد من أحاديث في شأن العتق من النيران فيها، وتحدث عن خصائصها وفضلها، وبيَّن المشروع والممنوع في إحيائها، بكل أمانة علمية وموضوعية تدل على رسوخ قدم مؤلفها.
في هذا الكتاب اللطيف الماتع يشرح الشيخ زكريا الأنصاري قصيدة ابن النحوي المسماة بالقصيدة المنفرجة والتي مطلعها: اشتدي أزمة تنفرجي * قد آذن ليلك بالبلج وهي القصيدة التي لم يزل الناس منتفعين بها في مختلف الأعصار والأمصار، لما اشتملت عليه من حكم وفوائد، حتى أصبحت وردا ثابتا لدى كثير من العلماء وأرباب القلوب، واشتهر عنهم أنهم إذا ضاق بهم الحال قرأوها فتنفرج عنهم الشدائد والكروب. ومن خلال أبيات القصيدة، يعرض ابن النحوي لحقيقة الابتلاء، مؤكدا على الرؤية التي ينبغي على المسلم أن يتحلى بها في تعامله مع مختلف الابتلاءات، باعتبار أنها مقدمة للفرج، وأن اشتداد الابتلاء ما هو إلا مؤشر على اقتراب الفرج. وقد اعتنى بهذه القصيدة المباركة جمع غفير من العلماء، منهم شيخ الإسلام العلامة القاضي زكريا الأنصاري، الذي تميز شرحه بالتأصيل الشرعي لما في القصيدة من معان وحكم، والإيضاح اللغوي لمبانيها ومفرداتها، والإفصاح عما فيها من إشارات صوفية.
موضوع هذا الكتاب النفيس هو الخصال التي تستوجب الاستظلال بظل الرحمن جلا وعلا، يوم لا ظل إلا ظله، وهو باب عظيم من أبواب الترغيب، اعتنى العلماء بالكتابة فيه لِعِظَم تأثيره في القلوب، وكان كتاب الحافظ السخاوي المسمى بـ "الخصال الموجبة للظلال" من أوعَب وأحْفَل ما كُتِب في هذا الباب. وقد قام خاتمة المحدثين بالديار المصرية، شارح الموطأ الشهير، العلامة الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي الأزهري، بتلخيص كتاب السخاوي في رسالة لطيفة، سلك فيها نهج الأصل في استقصاء جميع الأحاديث والآثار الواردة في الموضوع، مع عزوها إلى مصادرها وإيراد كلام النقاد فيها تصحيحا وتضعيفا، ثم أتحفنا -رحمه الله تعالى- بمنظومة رائعة نظم فيها الخصال الموجبة للظلال، بلغ عدد أبياتها 34 بيتا، فصارت رسالته بذلك مرجعاً قيماً لا يستغني طالب علم عن الرجوع إليه والإفادة منه.
يبحث هذا الكتاب النفيس في نشأة الروح، وفي تعلقها بالأبدان في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة، وفي آثارها الكونية وشؤونها البرزخية، وفي مقرها بعد الموت، وفي معنى حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قبره، وحياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وحياة الشهداء في قبورهم، وما يتعلق بذلك من مباحث مهمة دقيقة، عني المؤلف بجمعها وتحقيقها، غذاءً روحياً لمن تتوق نفسه إلى استقصاء البحث في عالم الأرواح، على المنهاج القويم الذي درج عليه الأثبات الثقات من أئمة الإسلام وأساطين العلماء. يعد الكتاب لذلك موسوعة علمية رفيعة في عالم الأرواح، لا يستغني عنها باحث أو طالب علم، لم تحجبه المادة عن البحث في الأسرار الروحية، ولم يعقه جمود فكري أو جحود قلبي عن استجلائها، والوقوف على كنهها من مصادرها، وعن الإيمان اليقيني بما ورد في شأنها عن الشارع الحكيم.
يندرج هذا الكتاب ضمن كتب "الاختيارات الأدبية" التي كثرت الكتابة فيها على امتداد تاريخ أمتنا العلمي، رغبة في الارتقاء بالذوق الأدبي، وحرصاً على إثراء العقل العربي، وسمواً بالسلوك الإنساني. وقد جمع فيه مؤلفه، فضيلة الإمام العلامة الشيخ عبد الله الشبراوي شيخ الأزهر سابقا، حكماً سامقة، وأمثالاً شائقة، اقتبست معانيها من القرآن الكريم، ومن الحديث النبوي الشريف، ومن أقوال الحكماء على امتداد تاريخ أمتنا المشرق الزاهي. وقد تنوعت هذه الأقوال ما بين حكم تدعو إلى مكارم الأخلاق، وجميل الخصال، تعمل على الرقي بسلوك المسلم، وتهذيب روحه، وتزكية نفسه، وحكم ترفع من همته، وتشحذ من عزيمته، وتقوي من إرادته، إلى حكم تحذره عن كل ما يشينه ويحط من قدره في الدنيا، أو يبعده عن عفو الله ورضوانه في الآخرة، إلى غيرها من الحكم التي يجدها القارئ دانية شهية في هذه الروضة الغناء
لما كان التخلق بأخلاق الله تعالى والتحلي بمعاني صفاته وأسمائه من أسباب كمال العبد وسعادته، اعتنى علماء الأمة سلفا وخلفا ببيان معاني هذه الأسماء وشرح مراميها، فكثرت حولها المؤلفات قديما وحديثا، وقام بعضهم بنظمها في ثوب شعري دعائي، وذلك لما للسان الشعر الصادق من تأثير عظيم في القلوب، يحيا ويتجدد مع كل قراءة للقصيدة. وقد جاءت منظومة العلامة الدردير في هذا الثوب الشعري الدعائي، الذي يتضح من خلاله مدى تمثله لمعاني أسماء الله الحسنى، وتعلقه وتخلقه بها، واتسمت منظومته بجمال في الأسلوب يتناسب مع جلال ما تحتويه من معان، أبان عنها تلميذه الشيخ الصاوي في هذا الشرح المختصر الماتع، الذي شرح فيه معاني الأبيات وكشف فيه عن خواص أسماء الله الحسنى.
... الناسُ أبْناءُ الدُّنيا، ولا يُلامُ الرَّجُلُ على حُبِّ أمِّه... أصلِحْ نفسَكَ يَصلُحْ لك الناسُ... نَفَسُ المَرءِ خُطاه إلى أجلِه... القلبُ مُصحَفُ البَصرُ... مَن تواضَعَ لله رَفَعَه... بمثل هذه الكلمات المنتقاة والأقوال المجتباة، تتجلى أهمية هذا الكتاب الذي حوى من الحكم والأمثال ما يمثل خُلاصةَ تجربة، وعصارة فكر، ومخزوناً ثقافياً علمياً، وزادا روحيا سلوكيا، جمعها للقارئ دانيةً شهيَّةً، فضيلةُ الإمام الشيخ أحمد الدمنهوري، شيخ الأزهر سابقا، لتكونَ مرجعاً صالحاً فى أمور المعاش والمعاد، فانتقى من الأقوال أصوبَها، ومن الأمثالِ أحسنَها، مما يوافق الكتابَ والسنة، متناولاً الموضوعات التي تهُمُّ المسلم في أمور دنياه وأخراه، مع الاهتمام بصفة خاصة بالآداب الروحية التي تقربه لمولاه، مُرتِّبا لها على حروف المعجم ليسهُلَ الرجوعُ إليها."
موضوعُ هذا الكتاب هو شرحُ أسماء الله الحسنى، التي كشفَ الله تعالى لنا من خلالها عن صفاته، بما يجعلُه مَعلوما لنا، عِلما يقودُنا إلى عِبادته عبادةَ حُبٍّ وشُعور بفضل ليسَ له مِن شُكر يُعادله، والتي أمرنا سبحانه أنْ ندعوَه بِها، فقال: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)، ففي أسمائه الحُسنى إشراقاتٌ روحيةٌ، لا يتعرَّضُ لها إلا مَنْ دعا اللهَ تعالى بِها، وتشرَّب قلبُه بِحُبِّها، وأخذَ حظه منها، وجعلَها قُدوتَه في أقواله وأفعاله وجميع أحوالِه. وقد بدأ فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف كتابه بالحديث عن فضل ذكر الله تعالى، ثم تحدث عن أسماء الله الحسنى، واستعرضها اسما اسما، ذاكرا بعض الآيات الواردة فيها، شارحا لمعانيها بأسلوبٍ سهْلٍ ميسورٍ، قريبٍ مِن كل طوائِفِ المُثقَّفين على اختِلافِ مشاربِهِم واتجاهاتهِم.
في هذا الكتاب الذي كتبه عالم فاضل من أجلة علماء الأزهر الشريف، تناول المؤلف –رحمه الله تعالى– موضوع الرفق بالحيوان في الشريعة الإسلامية، فأوضح فيه سبق الإسلام في تقرير مبدأ الرفق بالحيوان، وأبرز سمو حضارة الإسلام في مبادئها وأحكامها من خلال حثها على الرحمة بالحيوان والرفق به، رحمة تلفت النظر وتدعو إلى العجب. وقد اعتمد المؤلف في ذلك على نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة، فساق أولا الآيات والأحاديث التي تحض على الرفق واللين عامة، ثم أتبعها بتلك التي تدعو إلى الرفق بالحيوان بشكل عام، وبأصناف معينة منه بشكل خاص، مختتما بالحديث عن توازن المنهج الإسلامي فيما يتعلق بقضية ذبح الحيوانات، بعيدا عما وقعت فيه المناهج الأخرى من إفراط أو تفريط.
تتجلَّى أهميةُ هذه الرسالة في موضوعِها الذي كُتبت فيه، فقد تناولت قضيةً من أهم قضايا الفكر الإنساني، وهي قضية الخوارق التي يُمِدُّ الله تعالى بها مَن يصطفي مِن خلْقِه على سبيل التأييد والتكريمِ. وقد كتبت هذه الرسالة شرحاً لأبيات لطيفة للعلامة جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى، جمعَ فيها أسماءَ من تكلَّموا في المهد وبدأها بقوله: تكلَّم في المهدِ النبيُّ مُحمد * ويحيى وعيسى والخليلُ ومريم وقد قام العلامة الشيخ أحمد البرماوي نجل شيخ الإسلام العلامة إبراهيم بن محمد البرماوي -شيخ الأزهر بين عامي 1101 و 1106 هـ- بشرح هذه الأبيات مستعرضا ما ورد من أحاديث وأخبار صحيحة في سبب نطق هؤلاء المذكورين في أبيات السيوطي.
موضوع هذا الكتاب هو معجزة الإسراء والمعراج، الذي تتجدد ذكرياته كل عام على مدى الأزمنة والأعوام. وقد جاءت معالجة فضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعي لهذا الموضوع العظيم انعكاسا للمنهجية العلمية الأزهرية الراسخة، فقد اعتمد فيما كتبه على الصحيح من الروايات، المنقول عن الحفاظ الثقات، ثم أقبل بعد ذلك على توضيح مشكلها وبيان مدلولها، مسترشدا في شرحه وبحثه بأقوال العلماء الأوائل، مرجحا ما يراه راجحا بالدليل، وموفقا بين ما يوهم التعارض بأعظم تأويل، مستنبطا من الروايات ما يُنتفع به من حكم وأحكام وآداب، فجاء الكتاب نموذجا تتجلى فيه حكمة الداعية الحصيف، ووعي المفتي المحقق الدقيق، وشدة حرص العالم، وورع الولي وبصيرة العارف.
كتب الشيخ الشبراوي كتابه هذا عام 1164 هـ، متناولا أخبار غزوة بدر والصحابة البدريين، وجاء عرضه لتلك الأخبار متميزا بملمحين أساسيين: 1- التمكّن العلمي وسعة الاطلاع: فقد تلقى الشيخ الشبراوي علوم الحديث والفقه والأصول واللغة من أكابر علماء عصره، وتجلى هذا النبوغ العلمي فيما أورده من روايات صحيحة للأحداث باعتماد عدد كبير من المصادر من كتب السير والمغازي والتاريخ والشمائل والتفسير، مما يجعل الكتاب مرجعا معتمدا لأخبار غزوة بدر. 2- الموهبة الأدبية: فقد عُرف الشيخ الشبراوي بموهبته الأدبية وبراعته اللغوية، وتجلى ذلك في عرضه القصصي المشوق لأحداث غزوة بدر، وفي كثرة ما استشهد به من أبيات شعرية تضيف لمسة أدبية جميلة للأحداث.
كتب الشيخُ محمد بخيت المطيعي، كتابه هذا عام 1329 هجرية (1911 ميلادية) إجابةً على أسئلةٍ وردت إليه حول حُكمِ العديد من الأمور المُحدَثة التي لم تكن على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليُبينَ فيها حكمَ الإسلام من ناحية سُنيتها وبِدعيتها. وعلى الرغمِ من مرور مائة عامٍ تقريبا على كتابة هذا الكتاب، إلا أن العديد من الأسئلة التي يتعرَّضُ لها لا تزال تُطرحُ حتى الآن، ولا يزال قطاعٌ عريض من المسلمين يتساءل حول سنية وبدعية العديدِ من تلك الأمور المُحدثة التى تعرض لها الشيخ محمد بخيت المطيعي في كتابه، مما يُضفي على هذا الكتاب أهميةً خاصة، تنضافُ إلى المنزلة العلمية السامقةِ لمؤلفها فضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعي، خريجِ الأزهر وأحدِ علمائِه الأفذاذ، ومفتي الديار المصرية آنذاك."
تشكل قواعد التصوف للشيخ زروق الأسس العلمية التي ينبني عليها التصوف الصحيح، المستمد من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين وأحوال الأولياء العارفين، حيث إن التصوف علم شرعي له قواعده وأحكامه واصطلاحاته وآدابه، كغيره من العلوم الشرعية. وهذا الكتاب انتقاء واختيار لأهم القواعد وخلاصتها وزبدتها، يمثل اختصارًا يعين القارئ والدارس على فهم مبادئ التصوف وحقيقته وثمرته، فيه من البيان والشرح والتوضيح والتفصيل ما يتحقق به الغرض المطلوب.
تعد «البردة الحسنية الحسينية في مدح آل خير البرية» من غرر قصائد الشيخ صالح الجعفري، فقد نظمها في مدح أهل البيت الكرام رضي الله عنهم، معارضا بها لبردة البوصيري، وهو منزع جديد في معارضات البردة، فكل القصائد التي دارت حول البردة كانت في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، حتى جاءت هذه البردة المباركة لتتناول المدحة النبوية من خلال أشخاص آل البيت، تأكيداً على أنهم منه صلى الله عليه وسلم، وهو منهم، فلا غرو أن يكون مدحهم والثناء عليهم مدحاً وثناءً على جدهم صلى الله عليه وسلم. وقد حفلت القصيدة بكثير من المعاني السامية، يجد القارئ نفسه معها مدفوعاً لحب جارف، ووداد خالص لأهل بيت رسول الله، غير عابئ بأقوال المبغضين الشانئين، وسيطرب القارئ مع الشيخ عند ذكر أعلام أهل البيت، ويتلذذ بسماع مناقبهم وحلو شمائلهم، ويعجب بفدائيتهم وتضحياتهم في ميدان الجهاد وساحات القتال، ويدهش لسحر بيانهم، وبليغ مواعظهم في ميدان العلم ومواطن الدعوة، وسيتطلع إلى عبادتهم وقيامهم وتبتلهم لخالقهم، مع شدة خوفهم وإجلالهم لله رب العالمين.
اختصار لتراجم أعلام الأزهر الشريف، التي وردت في موسوعة "جمهرة أعلام الأزهر الشريف في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين" للعالم الجليل الدكتور أسامة السيد الأزهري. وحيث إن الأزهر رحم معطاء؛ فما بدأه الأستاذ يتبعه فيه التلميذ الشيخ أحمد نبوي الأزهري، الذي اجتهد بعد أستاذه في تقريب تراجم السادة الأعلام من علماء الأزهر الشريف، فبعد أن أسهب وأطنب الأستاذ في تحصيل كل واردة وشاردة في حياة الأعلام المترجم لهم، أتى تلميذه لينتخب ويختار الفوائد والنكت في حياة هؤلاء لينظمها في اختصار غير مخل، يسهل بها على طلبة العلم والمهتمين بمعرفة حياة رجال الأزهر وأعلامه وتراجمهم.
جزءٌ لطيفٌ في ضبط لفظ "الملّا"، وتحريرالكلام فيه، وأنه بفتح الميم منه أو بضمها، وفوائد تتعلق بذلك. وقد نهضت لجمعه لشيوعه في أسماء عدد من العلماء كالملا علي القاري وغيره، مع اضطراب الكلام في معناه وأصله وضبطه، وهل هو لفظ عربي أو ليس بعربي، حتى عند الكاتبين في المعاجم والمحررين لدوائر المعارف. والتآليف في هذا الباب قديما وحديثا لا تنحصر، فقد أفرد الكثير من الأئمة أجزاء لطيفة لضبط لفظ من الألفاظ، وتحقيق القول فيه، فتحركت الهمة إلى الجري على منوالهم في تخصيص هذا الجزء اللطيف، لضبط لفظ الملا وتبيين معناه.
يعد «علم الجرح والتعديل» هو الميزان الذي يوزن به رواة الحديث النبوي قبولًا وردًّا، وهو باب كبير يجمع بين أدبياته عددًا من البحوث والدراسات، منها مسألة «التوثيق الفعلي»، وهو التوثيق المستفاد لا من لفظ صريح عليه، وإنما من حكم أو منهج يدل عليه. وتكمن ثمرة «التوثيق الفعلي» في تغيير كثير من الأحكام التي حكم بها المحدثون على الرواة الذين لا يوجد فيهم توثيق صريح وأصبحوا في عداد المجهولين أو المستورين الذين لا تعرف لهم مرتبة، كما يكون أيضًا مُعضِّدًا للتوثيق القولي فيفيد حال الترجيح بين أقوال المُعَدِّلين والمُجَرِّحين. وعلى الرغم من الأهمية البالغة لهذه المسألة إلا أن الدراسات فيها قليلة للغاية، مما يبرز أهمية هذه الدراسة التأصيلية لقضية التوثيق الفعلي.
بحث في الدعوة الإسلامية المباركة في عهدها المكي الحافل بالدروس والأسس الدعوية، توخى فيه مؤلفه السهولة واليسر راغبا -من خلاله- في تقديم وجبة دسمة من غذاء الروح والقلب والعقل، عن طريق بيان بعض قواعد الدعوة ومبادئها على ضوء فترتها المكية، تلك الفترة التي استقبلت أول قبس من نور الإسلام وتلقت أولى ومضات إشراق الرسالة المحمدية، ثم تتابع النور الإسلامي والضياء المحمدي بتوجيهاته الدعوية وإرشاداته العظيمة في سبيل نشر الإسلام.
يبعث هذا الكتاب برسالتين هامتين: إحداهما للمنتمين إلى الطريق الصوفي؛ والأخرى إلى المناوئين لهذا الطريق.. أما الأولى؛ فالهدف منها: تثقيف المنتمين إلى الطريق الصوفي بما هو واجب شرعًا ومعلوم من الدين بالضرورة؛ بالإضافة إلى التأكيد والتشديد على أهمية الالتزام بالمنهج الصوفي المعتدل الذي لا إفراط فيه ولا تفريط؛ وذلك بحكم طبيعة ووسطية هذا الدين الذي ننتمي إليه جميعًا. وأما الأخرى؛ فالهدف منها: دعوة المناوئين للطريق الصوفي إلى المراجعة العلمية والموضوعية لكل ما يتعلق بالتصوف وقضاياه؛ وذلك من خلال فقه الدين بخصائصه العامة ومبادئه الكلية؛ مع العلم أن كثيرًا من شيوخ الإسلام والأئمة الأعلام قد سلكوا هذا الطريق على هدى وبصيرة، كابن القيم؛ وابن حجر؛ والعز بن عبد السلام؛ والشيخ عبد الله الشرقاوي؛ والدكتور عبد الحليم محمود؛ والشيخ محمد متولي الشعراوي، ومئات غيرهم رضي الله عنهم.
اهتم الأزهريون عبر تاريخهم الطويل اهتمامًا بالغًا بالقرآن الكريم، وقاموا بخدمته من أبواب عدة يصعب حصرها وتتبعها، ما بين ناظر في لغته وإعرابه، ومدقق في فصاحته وروعة بيانه، ومفتش عن خفيِّ أحكامه، ومستخرج لآدابه وأخلاقه، ودارسٍ متعمق في وجوه إعجازه، ومُرسِّخٍ لقواعد الفكر والمنطق من خلال آياته، ومستخرج ما استُبطن من معالم هِداياته .. إلخ. ويتتبع هذا الكتاب جهود الأزهريين قديما وحديثا في تفسير كتاب الله وخدمته، بصورة يتضح معها أنه ما من مدرسة علمية في المشرق ولا في المغرب قامت بخدمة كتاب الله، نشرًا وتعليمًا وتفسيرًا ... إلخ، مثل ما قامت به المدرسة الأزهرية.
يلقي هذا الكتاب الضوء على مبادئ علم الدعوة بوصفه علما قائما بذاته وفنا مستقلا بنفسه، له حده وأصوله وفروعه وآلياته، كبقية العلوم النظرية وتطبيقاتها العملية، وقد جرت عادة العلماء في كل فن أن يقدموا له بتلك المبادئ قبل الحديث عن مسائله الجزئية. يعرف الكتاب أيضًا بفروع علم الدعوة، وبالكثير من المصطلحات التي تدور في فلكه، فهو -بحق- مدخل لدراسة علم الدعوة الإسلامية، لا بد لكل داعية من معرفته ودراسته، ولا غنى لأي باحث في علم الدعوة عن الوقوف على ما فيه.
هذا الكتاب هو محاولة موسوعية استقرأت تاريخ الأزهر الشريف، وجمعت من المواقف الخالدة له ولعلمائه وشيوخه الأكابر ما يبرز عظمة عطائهم في خدمة الإسلام، وصناعة وتربية الإنسان، وصيانة وحماية الأوطان، ونشر قيم البناء والعمران، وتزكية الفهم والوجدان على مدار ألف عام، ويحوي بين جنباته من المواقف الخالدة لهذا الصرح العظيم ما يجعله ردًّا عمليا على الافتراءات الممنهجة على الأزهر في دوره وعطائه بل وتاريخه التليد، كما يعيد الثقة إلى الكيان الأزهري والشخصية الأزهرية، لكي تبدأ حلقة جديدة من حلقات مجدها الحضاري والعلمي والديني والفكري والوطني، بل والإنساني العالمي، ويدفع علماء وشيوخ الأزهر نحو صدارة المشهد بثقافة الثقة من خلال اعتزازهم بتاريخهم وشيوخهم ومنهجهم العلمي ومواقف معهدهم الخالد، ويصب في إعادة الصورة الذهنية الأزهرية إلى العقل الجمعي للأمة كسابق عهدها من البهاء والجلال.
لما كان علم التوحيد والعقائد له مكانته الرفيعة في منظومة العلوم الإسلامية، حيث يأتي في مقدمتها ويعد أصلًا لها، تضافرت جهود علماء الأمة في مختلف العصور والأزمنة على خدمة هذا العلم، وحرصوا على تقرير العقائد بالبراهين العقلية والنقلية، ودفع الشبه عنها. وكان من بين هؤلاء العلماء الأولياء المخلصين الإمام أبو عبدالله السنوسي، الذي كتب العديد من المتون في علم العقيدة، وقام بشرحها، وحظيت مؤلفاته بالقبول لدى الأوساط العلمية المختلفة، وعوَّل عليها العلماء والدارسون والباحثون في دراسة العقائد في مختلف الجامعات والمعاهد العلمية، وخاصة الأزهر الشريف. وفي هذا الكتاب -الذي بين أيدينا- اختصر العلامة السرقسطي شرح الإمام السنوسي على عقيدته المسماة بالوسطى، وقد اشتمل الكتاب على فوائد جمة وزيادات مفيدة، مع غاية في التنقيح والتهذيب، وحسن في العرض والتنظيم والترتيب للمسائل المتنوعة التي اشتمل عليها هذا المتن في علم العقيدة.
يُعدُّ كتابُ سِيبَوَيْهِ مِن كتب التراث العربي المعدودة التي شغلت العلماءَ والمحققين والباحثين والدارسين قديمًا وحديثًا، شرقًا وغربً، وما ذلك إلا لأهميته في حقل الدراساتِ النحوية والصرفية والصوتية خاصةً، واللغوية عامةً. وقد اختلف بعضُ العلماءِ في حكاية مذهب سِيبَوَيْه في بعضِ المسائل النحوية والصرفية، واختلفَ بعضُهم في فَهْمِ كلامِه. وقد قام المؤلف -مستعينًا بالله وحدَه- بتتبع هذا الأمرَ في مظانِّه، ورصدُ تلك الظاهرةَ مِن كلِّ ما تيسَّر له مِنْ مصادرَ ومَرَاجعَ، حتى تجمعتْ لي إحدى وثلاثون مسألةً نحويةً، وستُّ مسائل صَرفيَّةٍ، قام بدراستِها والتحقيقِ والتدقيقِ فيها في هذا الكتاب.
ذكر الإمام الشافعي -رحمه الله- في الرسالة أن «لسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا ولا نعلمه يحيط بجميع ألفاظه إنسان غير نبي»، وكان من مظاهر ثراء لغتنا العربية ورود فاء الكلمة مثلثة الحركة، ولكل حركة معنى ودلالة غير ما كان لأختها. وقد تعرض لرصد هذه الظاهرة اللغوية العديد من اللغويين وعلماء العربية، ومنهم قطرب الذي جمع في "مثلثه" أشتاتا في هذا الباب. ويعرض هذا الكتاب لمنظومة ابن زريق لمثلث قطرب، فيشرحها شرحا موجزا، يبسط فيه ما أوجزه الناظم، بما يكشف عن طاقة اللغة العربية وقدرتها ووفرة وسائل التعبير فيها بدءا بالكلمة التي هي اللبنة الأولى في بناء التركيب، وانتهاء بالنص.
أدرك السلف الصالح ما لدراسة السيرة النبوية من أهمية بالغة فاعتنوا بها عناية فائقة ولقنوها لأولادهم وحثوهم على حفظها حفظا متقنا، تعبيرا منهم عن عميق حبهم وإظهارا لعظيم وفائهم وإجلالهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم إذ لا يكمل إيمان المسلم إلا بتقديم محبته صلى الله عليه وسلم وإيثاره على النفس والمال والأهل والولد. وقد اقتصر الأوائل في كتابة السيرة على مجرد الجمع والرواية دون تشدد في ذلك فرَوَوْا ما صح بسنده وما لم يصح وما هو مختلف فيه. أما المعاصرون فقد كان اتجاه الكتابة عندهم مختلفا، فلم يكن شأنهم نقل الروايات أو الترجيح بينها أو شرحها فقط؛ إنما كان عبارة عن استنباط النتائج والأحكام والمعاني من أحداث السيرة وذلك في شتى المجالات، وكثير منهم أقحم نزعته الذاتية أو اتجاهه الفكري أو السياسي في تفسير الأحداث أو عرضها، وقليل منهم التزم الحيدة العلمية وتناول السيرة بعيدا عن النزعات والآراء المنحرفة وجاء برؤية جديدة نافعة. وفي هذا الكتاب قام المؤلف بجمع أهم أحداث السيرة النبوية، منطلقا في بيانها من نصوص التراث، سالكا منهجا معتدلا يجمع فيه بين القديم والحديث، وذلك مساهمة في إحياء التراث القديم، وإبرازا لجهود العلماء المعاصرين؛ ذوى الاعتدال والإنصاف والتحليل السليم والرؤية الجديدة المفيدة في تناول وعلاج القضايا المعاصرة المستجدة.
وهو شرحٌ مختصرٌ مفيدٌ على المقدمات التي وضعها الإمام السنوسي كمدخل أو تمهيد لعلم العقائد والتوحيد، وهي بمثابة قواعد عقلية تُنظِّمُ وتشكل عقلية الدارس لهذا العلم، وتُعدُّ مدخلاً لفهم قضاياه الكلية ومسائله الجزئية. وقد حظيت تلك المقدمات باهتمام المدرسة الأزهرية وسائر مدارس العلوم الشرعية؛ حيث إن هذه المبادئ والمداخل -في اهتمامها لترتيب التفكير المستقيم- لا تختصُّ فقط بعلم التوحيد والعقيدة، بل إنها تدرِّبُ الدارس لها والناظر إليها على كيفية الجمع بين المعقول والمنقول، وحُسْن إدراك المآلات والمصالح المعتبَرة، وكيفية تطبيق المقاصد الشرعية المرْعية في حياة الناس، وتعليمهِم مِن طرَفٍ خفيٍّ أدَبَ الحوار والاختلاف.
- إلى كل إمام لديه إرادة ويرغب في القيادة؛ من أجل حاضر زاهر ومستقبل مشرق. - إلى كل داعية يحرص أن يكون أنموذجاً؛ يحاكي ذوي الهمم العالية والمروءات الكاملة. - إلى كل قائد ينشد الأمانة والكفاءة وحسن الخلافة بالعبادة والتزكية والعمارة. - إلى كل رائد يخطو بمجتمعه إلى غدٍ أفضل؛ نحو استقرار المجتمع واعتدال مزاج الأمة. - إلى الأمة التي تمتلك القدرة على صنع المعجزات، وتسعى إلى مزيد من الإبداع والابتكارات. - إلى كل من يحاول أن يجمّل صورة الأديان؛ لأجل الحياة والإنسان والأوطان.
يسهم هذا البحث المتميز في الدفاع عن السنة النبوية ممثلة في أصح مصادرها وأعزها على الأمة، وهما صحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام مسلم رحمهما الله. وفي دفاعه عن الصحيحين، اعتمد البحث على «المعايير العلمية» وجاءت بالتالي تفاصيل دفاعه معتمدة على قضايا ومقاييس يشترك في تقريرها والاحتكام إليها أهل الاختصاص بعلوم الحديث، وأهل الدراية العلمية المنصفة من علماء الاختصاصات الأخرى، فليس من هؤلاء ولا هؤلاء من ينازع في أن ثقة الراوي المحققة، واتصال إسناده بما يرويه، وسلامة ذلك من العلل القادحة، وشهادة الأجيال بذلك عن وعي وبصيرة، جميعها معايير تقتضي صحة المروي وبراءته من أي مغمز حقيقي. وقد أثبت الكتاب توافر تلك المعايير في أعلى درجاتها لكل من الصحيحين.
... لا توجد مدرسة علمية في المشرق ولا في المغرب خدمت الحديث الشريف رواية ودراية، وفقها وصنعة، وتصحيحا وتضعيفا، كما قام به الأزهر الشريف، وكان علماء الحديث الأزهريون هم سادة الدنيا في أزمانهم، فمن الذي يعدل الإمام القضاعي؟ والحافظ السلفي؟ وشيخ الإسلام البُلقيني؟ والزين العراقي؟ والحافظ ابن حجر العسقلاني؟ والحافظ السخاوي؟ والحافظ السيوطي؟ وغيرهم. ويلقي هذا الكتاب بعض الضوء على جهود علماء الأزهر الشريف في العصور المتأخرة في خدمة السنة النبوية، بما يتكشف معه استمرار عطاء الأزهر الشريف المعمور في صيانة وخدمة الحديث والسنة النبوية من كافة الوجوه والزوايا.
... بذل علماء الأزهر الشريف أعمارهم في خدمة الحديث الشريف، وتفننوا في تعلمه وتعليمه، وإقرائه، وتداول أسانيده، وشرحه، وتعليم علوم الاصطلاح، والتأليف فيها، ولم تنقطع جهودهم في ذلك. فكان من المهمات ومن الواجبات رصد حركة الحديث الشريف وعلومه في الأزمان المتأخرة في الجامع الأزهر؛ للكشف عما قام به علماؤه من جهود مباركة في خدمة الحديث الشريف وعلومه، من كافة الوجوه والزوايا، حيث شرحوا كتب الحديث الكبرى، وألفوا في مناهج المحدثين، وفي علوم الاصطلاح، ودرسوا علم التخريج، وعقدوا المجالس الحديثية لسرد كتب الحديث ودواوينه الكبرى، وتكلموا في التصحيح والتضعيف، وجمعوا الجوامع الحديثية، وأخرجوا نفائس المخطوط وكنوزه إلى عالم المطبوع.
حبا الله أهل البيت فضلا أن كتب في الأزل تطهيرهم وأذهب الرجس عنهم، كما خصهم بمزيد من الرحمة والبركة، وفرض على المؤمنين حبهم وودهم. وفي هذا الكتاب يتناول الداعية الإسلامي والعالم الأزهري، فضيلة الدكتور السعيد محمد محمد علي، شخصية الإمام الحسن رضي الله عنه، سليل بيت النبوة، وفرع الدوحة المحمدية، وغصن الشجرة النورانية، وذلك من خلال مختلف وانب حياة الإمام، عارضا لمناقبه الشريفة، كاشفا عن فضائله المنيفة، مبرزا لأخلاقه الحميدة الرفيعة، مع الإشارة إلى الدلالات الدعوية المستفادة من جميع ذلك.
هذا الكتاب هو محاولة للتنقيح عن مفتاح لشخصية الإمام الحسين رضي الله عنه، هل هذا المفتاح هو السيادة التي منحه إياها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أم هو الشهادة التي نبئ بها في مستهل حياته، ثم توج بها في آخريات عمره، أم هو الابتلاء الذي استقبله كما يستقبل الآخرون العطاء، أم هو التسليم الذي جعله يجود بنفسه راضيا بالقضاء، أم هو الكرم الذي تربى عليه حتى صار أنموذجا للسخاء، أم هو لغز السبط: "وأنا من حسين"، هذا اللغز الذي كان وما زال وسيظل محتفظا بسره، وإن اجتهد المجتهدون من العلماء والعارفين في تفسيره.
يتناول الكتاب شخصية الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه ومنهجه في الدعوة إلى الله، فيتحدث عن نسبه ونشأته وميراثه العلمي، مع إلقاء الضوء على مبادئ الطريقة الرفاعية وفاعليتها في الحياة الإسلامية، مع عرض لأهم ما يضمه التراث الرفاعي من أقوال هامة. ويكشف الكتاب أيضا عن النظرة الشرعية للمفاهيم الصوفية، وما تثمره من قناعة دينية في الأوساط العلمية والثقافية، متعرضا للرمز الوصفي للحب الإلهي في شعر الرفاعي، و ما له من أبعاد روحية عميقة. وأخيرا يلقي الكتاب إطلالة على رفاعي مصر وسر كنيته بأي شباك، وأخرى على مسجد الرفاعي درة العمارة الإسلامية.
يعرض هذا الكتاب لأسباب ومجالات الاختلاف بين علماء المسلمين، وشروط الاختلاف المشروع أو المحمود، وبيان ما هو الخلاف المذموم، وكيف حذر القرآن الكريم والسنة النبوية منه. ويعرض الكتاب أيضا لأدب الاختلاف وأهميته، والضوابط الأخلاقية التي ينضبط بها، مع ذكر نماذج من سمو أدب وأخلاق الصحابة والتابعين والأئمة، ومن جاء بعدهم، في المسائل أو الأمور التي اختلفوا فيها، وما يتصل بذلك من مباحث.
أفاض علماء المسلمين في سائر العصور في شرح وتوضيح علم الميراث، وأبدعوا في تجلية مسائله وصوره، وامتلأت أرفف المكتبات بدررهم النفيسة؛ التي حوت ما يتعلق بهذا الجانب من العلم الذي بات ينظر إليه كعلم مستقل بذاته، مع أنه باب من أبواب الفقه الإسلامي. ويعرض هذا الكتاب بأسلوب معاصر مبسط لموضوعات علم الميراث، مستعرضا مسائله المتفق عليها بين المذاهب، ومناقشا لأدلتهم في المسائل الخلافية، مع استعراض حالات التوريث المختلفة بأكثر من طريقة. وقد تميز الكتاب ببيان بعض الأحكام المتعلقة بالمسائل المستحدثة، كما احتوى على الكثير من الجداول المختصرة، وكذا التطبيقات العمليّة، والنماذج المحلولة، لينتفع به مطالعه وإن كان من غير المختصين.
تعد ألفية السيرة النبوية المسماة "نظم الدرر السنية في السير الزكية" للحافظ العراقي، من أشهر منظومات السيرة النبوية، وقد اشتملت على 1032 بيتا، تناول فيها الحافظ العراقي سيرته صلى الله عليه وسلم في مراحلها المختلفة حتى وفاته، كما استعرض فيها صفاته صلى الله عليه وسلم وأخلاقه الشريفة، ومعجزاته وخصائصه وسائر شمائله. وقد كتب لهذه الألفية القبول والذيوع، وانكب أكابر أهل العلم عليها تدريسا وتعليقا وشرحا، ويأتي شرح العلامة المناوي عليها كأحد شروح المدرسة الأزهرية لهذه الألفية المباركة، وقد حرص العلامة المناوي في شرحه للألفية على تأصيل ما ورد فيها من أخبار وأحداث، وذلك من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ومرويات الصحابة وأهل السير، مع توشيح كل ذلك بالفوائد والتنبيهات المهمة.
يعد نص "الحكم العطائية" من النصوص المجمِلة لعلم التصوف، الكاشفة عن مفاهيمه وأسسه ومعالم السلوك فيه، ويأتي شرح الشيخ عبد الرؤوف المناوي، كأحد إسهامات علماء الأزهر وشيوخ المدرسة الصوفية المصرية في شرح الحكم العطائية. وقد اتسم شرحه بالعديد من السمات التي تعكس ملامح شخصيته العلمية وتكوينه الصوفي، والتي من أبرزها: - الربط الموضوعي بين الحكم وبعضها البعض. - كثرة الاقتباس عن أئمة التصوف وشراح الحكم، توضيحا للمفاهيم المتضمنة في الحكمة، أو تدليلا عليها، أو ضربا لمثال أو غير ذلك، مما يثري الشرح ويجعله وكأنه متضمن لغيره من الشروح وكتب التصوف. - تحلية الشرح بعبارات وعظية يدرجها المناوي في ثنايا شرحه لكل حكمة تقريبا، صائغا لها في سَجَعات قصيرة لطيفة المعنى والمبنى، تقترب في وجازتها وكثافة معانيها من الحكم.
تضم "حاشية الصفتي على الجواهر الزكية في حل ألفاظ العشماوية" جهود ثلاثة من علماء المالكية المصريين، أولهم هو الشيخ عبد الباري العشماوي، الذي كتب مختصرًا وجيزًا ضمّنه زبدة الفقه المالكي، مقتصرا فيه على أهم المسائل المشتهرة في أبواب الطهارة والصلاة والصوم. وقد اشتهر هذا المختصر باسم "متن العشماوية"، وتلقته علماء المالكية بالقبول، فكتب حوله عدد كبير من الشروح كان من أبرزها شرح الشيخ أحمد بن تركي، المسمى بالجواهر الزكية في حل ألفاظ العشماوية، والذي لم يقتصر فيه على مجرد شرح متن العشماوية، بل أضاف إليه مسائل أبواب العبادات الأخرى، ليصبح كتابه شاملا لجميع أبواب العبادات من طهارة وصلاة وصوم وزكاة وحج. توجهت لذلك عناية علماء المالكية إلى هذا الشرح فكتبت حوله مجموعة من الحواشي اشتهر من بينها حاشية الشيخ الصفتي، والتي قام فيها صاحبها بالتعليق على الشرح، مدققا ومنقحا ومصححا لما جاء فيه، مقارنا بين الأقوال، ومثبتا للمعتمد منها في المذهب وفق ما تلقاه عن مشايخه من أئمة المدرسة المالكية.
جمع ابن مالك في ألفيته مهمات النحو ومقاصد العربية، فحازت عناية فائقة من جمهور العلماء وأئمة اللغويين، وأقبلوا عليها شرحا وتحشية ومدارسة وتدريسا. واشتهر من شروح الألفية الكثير، كشرح ابن هشام الأنصاري، وشرح ابن عقيل، وشرح الأشموني وغير ذلك. وكان للأزهريين عناية خاصة بألفية ابن مالك فكتبوا الكثير من الشروح وحواشي الشروح عليها، ولا تزال ألفية ابن مالك تدرس إلى الآن في المعاهد الأزهرية. ويأتي شرح العلامة الشرنوبي على الألفية، والمسمى "إرشاد السالك"، كامتداد لعناية الأزهريين بالألفية، حيث قام فيه مؤلفه بشرحها بصورة موجزة، يحل بها النظم وييسره دون خوض في التدقيقات العالية، مع إفادة وإجادة، فحاز من مسماه أوفر نصيب.
تأتي ألفية ابن مالك في طليعة المؤلفات النحوية التراثية التي كتب لها القبول والانتشار في أنحاء العالم الإسلامي، وبين كافة المشتغلين بالعلوم العربية والشرعية، حيث جمع فيها ابن مالك مقاصد العربية، فحازت عناية فائقة من جمهور العلماء وأئمة اللغويين. ويأتي هذا الكتاب كنموذج لتلك العناية الفائقة بألفية ابن مالك، قام فيه مؤلفه الشيخ خالد الأزهري بإعراب أبياتها كاملة. وتأتي عناية الشيخ خالد بعملية الإعراب كانعكاس لإدراكه أهمية الجانب التطبيقي في العملية التعليمية، وحرصه على "تمرين الطلاب في صناعة الإعراب" كما أشار إلى ذلك من خلال تسميته لهذا الكتاب.
يعد كتاب «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» للقاضي عياض من أنفس ما كتب في التعريف بشمائل المصطفى ﷺ وحقوقه، وقد تجلت عناية الأمة الإسلامية بكتاب «الشفا» في كثرة المؤلفات التي كتبت حوله، ويأتي كتاب "المدد الفياض بنور الشفا للقاضي عياض" كامتداد لهذه المؤلفات، حرص فيه مؤلفه، فضيلة الشيخ حسن العِدوي، المالكي الأزهري، على تقديم متن «الشفا» بصورة صحيحة مضبوطة، مستعينا في ذلك بالعديد من نسخ وشروح الشفا التي توفرت له، مضيفا إليها تعليقات يسيرة لضبط ألفاظ المتن وشرح غريبها.
وإِتماما للفائدة فقد أدرجنا في هذا الإصدار -مباشرة أسفل المتن- كتاب الحافظ السيوطي الذي قام فيه بتخريج أحاديث الشفا، فيكون إصدارنا هذا مشتملا على ثلاثة كتب:
1- «الشفا بتعريف حقوق المصطفى»، وبأسفله:
2- «مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا»، وبهامشه:
3- «المدد الفياض بنور الشفا للقاضي عياض».
تعد "الأربعون" التي جمعها الإمام النووي من أشهر الأربعينيات التي جمعها أصحابها استجابة لقول المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-: (من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله في زمرة الفقهاء والعلماء)، فقد تلقت الأمة الأربعين النووية بالقبول، وحظيت بعناية العلماء والدارسين، وتجلى ذلك في كثرة ما كتب حولها من شروح كان منها هذا الشرح النفيس للعلامة المالكي الأزهري إبراهيم بن مرعي الشبراخيتي. وفي شرحه على الأربعين النووية، حرص العلامة الشبراخيتي على شرح مفردات وعبارات كل حديث بصورة مستفيضة، والتعريف بالرواة وذكر مناقبهم، مع إدراج العديد من الحكم والمواعظ، والتنبيه على العديد من الفوائد اللغوية والحديثية والفقهية والعقدية.
أسهمت المتون بصورة بالغة في دعم المحتوى التعليمي في مختلف المدارس العلمية في العالم الإسلامي، سواء في مجال العلوم العقلية أو النقلية، وذلك لما اتسمت به من اختصار عبارة وتركيز أفكار، جعلها أداةً طيِّعةً ومؤثّرة في المذاكرة والاستذكار. وقد انتشرت لذلك منهجية المتون في مدارس العالم الإسلامي، وتنوعت تلك المتون بصورة بالغة، فكان منها النثريُّ والشعريُّ، وصغيرُ الحجم وكبيرهُ، وأحاديُّ الفن ومتعدِّدُ الفنون. ويُعدُّ هذا الكتابُ –إتمام الدراية لقراء النقاية- للحافظ السيوطي، أحد النماذج المضيئة الدالة على عظمة وسمو العملية التعليمية في أوساط المسلمين آنذاك، فالكتاب شرح لمتن متعدد الفنون، هو متن «النُّقاية» الذي كتبه العلامة السيوطي وضمَّنه خلاصة أربعة عشر علمًا هي: أصول الدين، والتفسير، والحديث، وأصول الفقه، والفرائض (المواريث)، والنحو، والصرف، والخط (قواعد الإملاء)، والمعاني، والبيان، والبديع، والتشريح، والطب، والتصوف.
لما كانت معرفة خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم وأحواله من مقتضيات الإيمان، ومن أعظم الأسباب المؤدية لمحبته، كثرت لذلك مصنفات علماء المسلمين الجامعة لشمائله صلى الله عليه وسلم، والمبينة لخصائصه وأحواله، وكان كتاب "الشمائل المحمدية" للإمام الترمذي من أجلِّ تلك المصنفات، فاعتنى علماء المسلمين سلفا وخلفا بشرحه وبيان مراميه. وقد احتفى علماء الأزهر الشريف أيما احتفاء بكتاب "الشمائل المحمدية"، فلم يكن يخلو ركن من أركان الأزهر الشريف المعمور من حلقة إقراء أو تدريس وشرح للشمائل المحمدية، وكتب العديد من علمائه الشروح عليها. ويعد هذا الشرح الذي يطبع لأول مرة هو أحد تلك الشروح الأزهرية للشمائل المحمدية، والذي كتبه العلامة الشيخ عبد الله بن حجازي الشرقاوي، شيخ الأزهر سابقا، حيث قام باختصار أسانيد الكتاب، وحذف الأحاديث المكررة، ثم شرحه شرحا نفيسا وافيا، يتجلى فيه بصورة أساسية تكوينه العلمي الأزهري ونفسه الصوفي.
أسهمت المتون والمنظومات الشعرية بصورة بالغة في دعم المحتوى التعليمي في مختلف المدارس في العالم الإسلامي، ولم يقتصر علماء المسلمين على نظم المتون في العلوم النقلية فقط، كالعلوم الشرعية واللغوية، بل نظموا متونهم أيضا في مختلف العلوم العقلية، وأبدعوا الكثير من المنظومات التي تشتمل على عدد هائل من الأبيات الشعرية، وتجمع بين أكثر من علم أو فن. ويأتي نظم "الكواكب الدرية في الضوابط العلمية" للعلامة الشيخ عبد الهادي نجا الأبياري، كأحد نماذج هذه المنظومات، وأحد الأمثلة الناصعة على مستوى التمكُّن العلمي لعلماء الأزهر الشريف، حيث اشتمل هذا النظم على 3580 بيت من الشعر، نظم الأبياري من خلالها مجموعة من الضوابط العلمية في ثمانية فنون مختلفة هي الفقه، والنحو، والصرف، واللغة، وفن الرسم، والقرآن، والحديث، والفلك، ثم قام بعد ذلك بشرحها في هذا الكتاب الماتع.
نظم الشيخ أحمد بن شرقاوي أرجوزته "المورد الرحماني" كدليل إرشادي للمريدين، يرسم لهم معالم الطريق، ويوضح لهم كيفية سلوكه، محددا لهم ما يتحتم معرفته في علمي التوحيد والتصوف. ورغبة في تعميم النفع بهذه الأرجوزة، كتب تلميذه العلامة الشيخ أحمد الطاهر الحامدي شرحه كاشفا به عما اشتملت عليه عباراته الأرجوزة وألفاظها من معان، وما تضمنته من علوم واحتوته من معارف، وما أرشدت إليه من تنبيهات وأشارت إليه من فوائد. جاء الشرح لذلك دليلا تفصيليا لكل ما يلزم مريد الحق معرفته من مسائل التوحيد والتصوف، ومرجعا كافيا وافيا يستطيع المريد أن يستغني به عن غيره من المصنفات والمؤلفات في هذين العلمين.
استهدف العلامة الشرقاوي في طبقاته توثيق الامتداد الزماني لحركة المذهب الشافعي، واستكمال سلسلة التأليف في طبقات السادة الشافعية. وقد اعتمد في جمعه لتراجم المتأخرين من الشافعية على ما جاء من أخبارهم في المصادر التاريخية المعنية بتلك الأعصار المتأخرة، مثل حسن المحاضرة للسيوطي، وذيل الطبقات للشعراني، وتاريخ الجبرتي. وبعد أن تحقق له هدفه الأساسي أراد لتتميم الفائدة أن يضم تراجم المتأخرين من الشافعية إلى تراجم أهل الأعصار المتقدمة، مما يعني أنه استهدف رسم صورة متكاملة موجزة للامتداد الزماني للمذهب الشافعي، أو -بتعبير آخر- وضع *** أطلس زمني شامل لطبقات السادة الشافعية *** ابتداء من الإمام الشافعي إلى أوائل القرن الثالث عشر الهجري.
لما كان مدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم القربات وأفضل الطاعات، تسابق المؤمنون المحبون على مر العصور في مدحه صلى الله عليه وسلم والثناء عليه، وكان من أسعد المادحين له الإمام البوصيري صاحب المدائح الكثيرة التي اشتهر منها قصيدتا البردة والهمزية، فتتابع العلماء على شرحهما لما لمسوه فيهما من صادق المحبة وخالص المدح له صلى الله عليه وسلم. وفي هذا الشرح للقصيدة الهمزية قام العلامة الأزهري الشيخ سليمان الجمل باختصار شرح ابن حجر المطول للقصيدة، مستأنسا بتقريرات العلامة الحفني وغيره، مع العديد من التعليقات والتعقيبات التي تعكس تكوينه الأزهري وشخصيته العلمية.
لم يشتهر أحدٌ في مجالِ مدح خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم، مثلما اشتهر البوصيري صاحِبُ البردة الشهيرة التي فاقت شُهرتُها شهرةَ صاحِبها، والتي تُعتبَر من الفرائِدِ في مدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد تلقّاها العلماء في مشارق الأرض ومغاربها بالقبول والإجلال، وأصبحت من أهم القصائد التي يتغنى بها المدّاحون في الليالي الدينية وفي الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، بل دأب المسلمون في العديد من البلدان على إقامة مجالس أسبوعية للبردة، يجتمعون فيها لقراءتها بصورة جماعية.
استوعب العلامة البرزنجي في هذا المولد -على وجازته- قصة المولد النبوي الشريف، وبعضا من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وشمائله، فبدأ بذكر النسب الشريف، ثم مولده وما صاحبه من إرهاصات، ورضاعه وما نالته السيدة حليمة السعدية بذلك من سعادة، ثم تحدث عن شبابه صلى الله عليه وسلم وسفره للتجارة مع عمه، ثم سفره في تجارة للسيدة خديجة رضي الله عنها، ثم زواجه منها. كما تحدث عن وضعه للحجر الأسود في موضعه من الكعبة المشرفة، ثم بعثته وجهره بالدعوة وما تعرض له من أذى، مستعرضا لقصة الإسراء والمعراج، ثم هجرته من مكة إلى المدينة، مختتما بذكر بعض من شمائله صلى الله عليه وسلم وصفاته الخَلقية والخُلقية.
تُعَدُّ الصلاةُ على النبي ﷺ مِن أجَلِّ الطاعات وأعظم القُربات، كيف لا وقد أمر الله تعالى بها، وأخبر المؤمنين -ترغيبًا فيها- بأنه وملائكته الكرام يصلون على النبي، فقال عَزَّ مِن قائل: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يٰأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾. واستجابة لهذا الأمر الإلهي والترغيب الرباني، لهجت ألسنة وأفئدة المؤمنين في كل عصر ومصر بالصلاة على سيد الأنام ﷺ، واستكثروا منها، تحبُّبًا في الله تعالى ورسوله ﷺ، وتقرُّبًا منهما، وتودُّدًا إليهما. ويعد كتاب «دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار» الذي كتبه الإمام الجزولي الحسني، من أكثر كتب الصلوات قبولا، وأوسعها انتشارا، وأحسنها وضعا، وأعظمها نفعا، وعلى حد تعبير العلامة الشرنوبي: «من أنفس ما يتقرب به إلى سيد السادات».
هو أبهى تشطير لبردة المديح للإمام البوصيري؛ حيث حوى من المعاني ألطفها وأدقها، ومن العبارة أظرفها وأرقها، قد ائتلف بالبردة أي ائتلاف، وامتزج بها حتى لا تجد بينهما أدنى اختلاف، ولا تجد شطر بيت منها إلا كأنه محتاجٌ إلى ما ضم إليه، ومتوقفٌ تمام معناه عليه. يقصر عن مجاراته كل أريب بارع، ويعجز عن معارضته كل بليغ نابغ، وهو الأقرب إلى الأصل صنعًا، والأشبه به نفعًا، تبدو عليه علامات حسن النية، وشارات سلامة الطوية.
ما إن يأتي شهر ربيع الأول من كل عام إلا ويستعد المسلمون في كل بقاع الأرض للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وذلك من خلال الاجتماع لقراءة وسماع قصة مولده الشريف صلى الله عليه وسلم. اهتم لذلك علماء الأمة بكتابة قصة مولده الشريف بصورة موجزة جامعة، تتيح قراءتها والاستماع إليها كاملة في ليالي الاحتفال بالذكرى العطرة، فكثرت تلك المصنفات المسماة بالموالد. وفي هذا المولد المسمى بـ "رياض الخيرات في مولد سيد السادات" أورد المصنف العديد من الروايات والأخبار، وربط بينها بأسلوب بديع، يفصح عما اشتملته من معان سامية، عبر عنها بلغة بديعة ماتعة، في إيجاز متوازن متماسك من غير إخلال.
يشتمل هذا الكتاب على المولد الذي نظمه العلامة الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ، والمسمى "الضياء اللامع بذكر مولد النبي الشافع"، إضافة إلى قصيدته في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، والمسماة "الشراب الطهور من مولد وسيرة بدر البدور"، ومجموعة أخرى مختارة نظمها الحبيب عمر في مدح وحب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زبدة رائقة وتحفة فائقة من الأدعية لله تعالى والنجوى، احتوت من الدعاء على أخلصه، ومن الضراعة على أصدقها، ومن التبتل على أمثله وأجمله وأفضله، وقد أفاض الله تعالى هذه المناجاة العظيمة على قلب صاحبها الطاهر، فلهج بها لسانه الصادق، ثم سطرها القلم لتكون تجربته الخالصة لمن أراد أن ينتهج طريقها من المريدين السالكين، ويسلك مسلكها من المحبين الصادقين. وصاحب هذه المناجاة هو الإمام القطب العارف بالله سيدي الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي، الذي يعد من كبار العلماء الذين وضعوا وجددوا دعائم علم السلوك في القرن العشرين الميلادي، من خلال ما خلفه من ثروة علمية تمثلت في ثلة من العلماء النجباء العاملين، وبما خلفه من آثار في علم السلوك والتوحيد والشعر والفقه والتفسير.
اعتنى علماء الأمة سلفًا وخلفًا ببيان معاني معاني أسماء الله الحسنى وشرحها وبيان دلائلها وصولًا إلى فهم معانيها، والتأدب بأدبها. ولم يقتصر الكثير منهم على مجرد بيان معاني الأسماء في مؤلفاتهم وشروحهم، وإنما نظمها بعضهم في ثوب شعري دعائي، لما للسان الشعر الصادق من تأثير عظيم في القلوب، وشحذ الهمم إلى حضرة علام الغيوب. وتأتي منظومة أسماء الله الحسنى المسماة جالبة الفرج للعارف بالله تعالى الشيخ صالح الجعفري، ضمن أشهر تلك المنظومات المعنية بالأسماء الحسنى، وقد قام المؤلف في هذا الكتاب بشرح هذه المنظومة المباركة شرحا وافيا ماتعا، اعتمد فيه على سائر المؤلفات المعنية بالأسماء الحسنى، مستمدا فيه أيضا من التراث الشعري الوافر للشيخ صالح الجعفري رضي الله عنه.
اعتنى علماء الأمة سلفاً وخلفاً ببيان وشرح معاني أسماء الله الحسنى، وصولا إلى فهم مراميها، والتأدب بآدابها. وإضافة إلى ذلك، قام بعضهم بنظم أسماء الله الحسنى ومعانيها في ثوب شعري دعائي، لما للسان الشعر الصادق من تأثير عظيم في القلوب، وشحذ الهمم إلى حضرة علام الغيوب. ويشتمل هذا الكتاب على مجموعة مختارة من تلك المنظومات الممثلة لهذا اللون من الشعر الصادق، وهي منظومات السادة: عبد القادر الجيلاني، شمس الدين الدمياطي، عبد الغني النابلسي، مصطفى البكري، أبي البركات الدردير، أحمد بن شرقاوي الخلفي، سعد اليماني.
ليس من شك في أنه لا أفعل في القلب، ولا أنسب لتحققه بالصفاء والنقاء والجلاء، من حديث الحب والمحبين، ووصف الأشواق والأذواق على ألسنة المشتاقين الذائقين، الذين اشتاقوا إلى الله فعرفوه، وعرفوه فأحبوه، وأحبوه فازدادوا شوقا إليه، ومعرفة له، وأنسا به. وليس من شك أيضا في أن حياة المحبين الإلهيين، ومواجيدهم التي عرضنا لبعض نماذج منها في هذه الصفحات، ستثير في كثير من النفوس الزكية أشواقا وأذواقا، وستفتح أمام كثير من القلوب المستعدة للحياة الروحية أبوابا وآفاقا؛ وحسب أصحاب هذه القلوب وتلك النفوس أنهم سيجدون مع أولئك المحبين أن للحب معنى أسمى من معناه الإنساني الحسي أو العذري، وأن للجمال وجها أصفى، بل هو خير وأبقى، من كل ما يقع عليه الحس وتنجذب إليه النفس في العالم الخارجي.
رؤية نقدية معاصرة لقصيدة كعب بن زهير التي حظيت بلقب "البردة"، وكان لها أثرها في كثير من التجارب في الشعر العربي، قديما وحديثا، حرص المؤلف فيها على النفاذ إلى أعماق النص، والنظر إليه نظرة كلية شاملة، بغية الوصول إلى لب التجربة الشعرية، التي اتسمت بالصدق والتآلف والتناسق.
الرواية الفائزة بالمركز الأول في مسابقة كشيدة للأدب الصوفي 2017
هتــف بــه النجــم مــن مهجعــه قائــلا: هــل تريــد أن تعــرف كيــف يكــون لــك حقــول وســنابل مثــل القمــح؟
ادفــن رأس الأنــا.. واســقها مــن قــدح النبــي.. ثــم اكسر قشرتــك الصلبــة المتحجــرة.. ليطلــع وجهــك النــاضر.. وتحيــا حياتــك الأبديــة بالمحبــوب الــذي حل فيــك محــل نفســك..
فهيــا يــا ابــن الســاقيين.. أخرج حقل المصطفــى الــذي بداخلــك...
صياغة شعرية لأسماء الله الحسنى تقوم على شرح معانيها ومحاولة الغوص وراء دلالاتها ليفيد قارئها في معرفة بعض أسرار كل اسم، وفهم المراد منه، ويدعو الله تعال عن معرفة بمولاه فينال رضاه، ويصل إلى الدرجات العلى في القرب منه سبحانه وتعالى.
محور هذه الرواية هو الصدق مع الله، وتدور أحداثها الأساسية في إحدى قرى صعيد مصر العامر بالأولياء والعارفين. وقد اتسمت الرواية بكثافة أحداثها وكثرة وتنوع الشخصيات فيها، واستطاع المؤلف من خلال تلك الأحداث والشخصيات المتعددة والمتنوعة أن ينسج ببراعة حركة متسارعة الإيقاع داخل الرواية، تأسر القارئ في حبكتها، فيعايش أجواء ماتعة من الصدق والصفاء والسمو الروحي والمشاعري.
الرواية الفائزة بالمركز الثالث في مسابقة كشيدة للأدب الصوفي 2016 تدور الرواية حول فكرة التوسل بالعمل الصالح، وهي مستلهمة من قصة أصحاب الغار، وعلى الرغم من بساطة العناصر والأحداث الخارجية في الرواية، إلا أن المؤلف أبدع في تسجيل وسرد مختلف المشاعر والأحاسيس لدى أبطال الرواية، فجاءت روايته مشحونة بالحركة الداخلية، معبرة عن مكنونات النفس الإنسانية، كل ذلك بلغة آسرة راقية استطاع المؤلف من خلالها أن يوظف التعبيرات والاصطلاحات الصوفية في خدمة الحركة الداخلية في الرواية بصورة طبيعية غير متكلفة.
يعد هذا الكتاب هو أول محاولة لرصد المدائح النبوية في الأدب العربي، وبيان المراحل المختلفة التي مر بها أدب المديح النبوي، مع استعراض مجموعة من أجمل النماذج الشعرية والنثرية المعبرة عن تلك المراحل.
"إِلَيْكَ ... بِرِعْشَةِ العِشْقِ وَالحَنِينِ ... يَا سَيِّدِي وَحَبِيبِي وَمَوْلَايَ ... يَا رَسُولَ اللهِ يَا مَلَكُوتَ النِّعْمَةِ الَّذِي مَشَى عَلَى الأَرْضِ ذَاتَ نُورٍ خَالِصٍ ... فَزَرَعَ بَسَاتِينَ المِسْكِ ... فِي عُيُونِ الإِنْسَانِ وَجِبَالِ الأَبَدِيَّةِ ... إِلَيْكَ وَحْدَكَ ... يَا مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ فَبِجَاهِ حَنَانِ نُورِكَ -يَا جَنَّةَ الأَنْوَارِ- تَقَبَّلْ هَذِهِ الأَشْوَاقَ وَاذْكُرْهَا عِنْدَ رَبِّكَ ... حُرُوفاً مَسَرَّتُهَا التَّبَتُّلُ فِي مِحْرَابِ عُيُونِكَ الأَخْضَرِ!!"
يحتل الأدب الصوفي مكانة سامقة في الأدب العربي والإسلامي برغم تجاهل النقاد القدامى له ولأصحابه. فمضمونه يسمو فوق كل مضمون، وأدواته الفنية تأسرك بروعتها، وعمقها، وأصالتها، والصياغة وإن شابها الغموض أحيانا إلا أنها تدل على براعة فنية آسرة، والخيال يضرب في أعماق النفس والحياة.. وتعد هذه الدراسة مدخلا لدراسة الأدب الصوفي، رصد فيها المؤلف اتجاهات الأدب الصوفي الأساسية، وهي تلك المتمحورة حول الذات العلية، والحقيقة المحمدية، والنفس الإنسانية، ثم قام بتجلية الخصائص الفنية المختلفة لنصوص الأدب الصوفي، مختتما الكتاب بعرض مجموعة من التجارب الشعرية الصوفية كنماذج لوهج الإبداع عند أدباء الصوفية.
... الناس حين يسافرون بعيدا عن أوطانهم وأهلهم، يرتدون لجاهليتهم.. يدخلون صحراءهم وينحازون لعطشهم، الأغراب هم الأسماك الغريبة فى البحر الواسع، لا عيون لهم ليبصروا بها.. الردة ليست عن الدين فحسب، بل عن الحياة كلها، من يتعلم شرب الخمر فى غربته، مرتد يدخل لصحرائه دون أن يتراجع عن دينه، وكذلك من يسرق أو يزنى أو يلعب القمار، الردة درجات: هناك من يرتد بلا عودة، ومن يرتد لحين.. ومن يرتد فجأة..
... في البداية كنت أشاهد الأمور من ثقوب ليست بالاتساع المناسب الذي يجعل كل الأشياء في محط المراقبة.. إن الإحاطة الشاملة بالمجريات والمساحات المتراميات أمام النفس المبعثرة أصلًا يلزمه ارتكاز، ثبات أكثر، ونافذة تنفجر بمصراعيها لتشاهد لوحة مكشوفة، وتحملق في فضائها مستشعرةً المعنى الدقيق..